للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أَعْنِي: أَنَّ مَنْ جَعَلَ ذِكْرَ الأَصْنَافِ فِي الآيَةِ تَنْبِيهًا عَلَى المُسْتَحِقِّينَ لَه، قَالَ: هُوَ لِهَذِهِ الأَصْنَافِ المَذْكُورِينَ وَمَنْ فَوْقَهُمْ، وَمَنْ جَعَلَ ذِكرَ الأَصْنَافِ تَعْدِيدًا لِلَّذِينِ يَسْتَوْجِبُونَ مِنَ هَذَا المَالِ قَالَ: لَا يَتَعَدَّى بِهِ هَؤُلَاءِ الأَصْنَافَ؛ أَعْنِي: أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الخُصُوصِ لَا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ، وَأَمَّا تَخْمِيسُ الفَيْءِ، فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ).

وقد حكاهُ ابن المنذر (١) وغيره.

قوله: (وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا القَوْلِ أَنَّهُ رَأَى الفَيْءَ قَدْ قُسِّمَ فِي الآيَةِ عَلَى عَدَدِ الأَصْنَافِ الَّذِينَ قُسِّمَ عَلَيْهِمُ الخُمُسُ).

يعني قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: ٧]؛ فالأصناف الواردة في هذه الآية هي نفسها الواردة في آية الغنيمة في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١]، لكن هناك: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} وهنا: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}.

قوله: (فَاعْتَقَدَ لِذَلِكَ أَنَّ فِيهِ الخُمُسَ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ هَذِهِ القِسْمَةَ مُخْتَصةٌ بِالخُمُسِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ (٢)، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ القِسْمَةَ


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٤/ ١٦٩)؛ حيث قال: "ولعمري لا يحفظ عن أحد قبل الشافعي، قال: إن في الفيء خمس كخمس الغنيمة، وأخبار عمر تدل على غير ما قاله الشافعي".
(٢) ظاهر الآية يدل على أن كل الفيء مقسوم على خمسة. يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٨/ ٣٩٠).
ومعنى الآية: أن خمسه مقسوم على خمسة حتى يستعمل على وجه لا يتنافيان ولا =

<<  <  ج: ص:  >  >>