للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ" (١).

فهذان الحديثان أيضًا فيهما دليلٌ على مشروعية الجزية.

فالجزية إذن ثابتةٌ بالكتاب والسُّنة وبإجماع العلماء على ومشروعيتها (٢).

لكن هنا يرد سؤال: لماذا شُرِعَت الجزية؟ (٣).

نحن نعلم أن دين الإسلام قام على العدل، وأن الله - سبحان الله وتعالى - في كتابه


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة، قال: "وأجمع المسلمون على جواز أخذ الجزية في الجملة".
وانظر: "الإقناع"، لابن القطان، قال: "والجزية ركن من أركان (الفيء)، وهي حلال بإجماع".
(٣) اختلفت عبارات الفقهاء في الحكمة من مشروعية الجزية:
مذهب الحنفية، يُنظر: "العناية"، للبابرتي (٦/ ٤٤)، قال: "هي عوض عن ترك القتل والاسترقاق الواجبين فجاز كإسقاط القصاص بعوض، أو هي عقوبة على الكفر".
وفي مذهب المالكية، يُنظر: "الفروق"، للقرافي (٣/ ١٠)؛ حيث قال: "وذلك أن قاعدة الجزية من باب التزام المفسدة الدنيا لدفع المفسدة العليا وتوقع المصلحة العليا، وذلك هو شأن القواعد الشرعية. بيانه: أن الكافر إذا قتل انسد عليه باب الإيمان وباب مقام سعادة الجنان وتحتم عليه الكفر والخلود في النيران وغضب الديان فشرع الله تعالى الجزية رجاء أن يسلم في مستقبل الأزمان لا سيما مع اطلاعه على محاسن الإسلام والإلجاء إليه بالذل والصغار في أخذ الجزية". وانظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٣/ ٣٨٠).
وفي مذهب الشافعية، يُنظر: "حاشية البجيرمي على الخطيب" (٤/ ٢٧٤)؛ حيث قال: "وليست في مقابلة تقريرهم على الكفر جزما بل فيها نوع إذلال لهم، واختلف الأصحاب فيما يقابلها، فقيل: هو سكنى الدار وقيل: ترك قتالهم في دارنا.
وفي مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٣/ ١١٧)؛ حيث قال: " (فالجزية) مأخوذة من الجزاء (مال يؤخذ منهم على وجه الصغار) بفتح الصاد المهملة؛ أي: الذلة والامتهان (كل عام بدلًا عن قتلهم وإقامتهم بدارنا) فإنهم لو لم يبذلوها، لم يكف عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>