للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العزيز أَمَرَ بالعدل وأَوْصَى به: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النحل: ٩٠].

ويقول - سبحان الله وتعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨].

ولقول سبحانه: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨].

وقال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} [الجن: ١٥].

والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنَابرَ مِنْ نورٍ" (١)؛ أي: الذين يعدلون في أحكامهم وتَعامُلِهم مع الناس.

هذه الشريعة أيها الإخوة لا تجد فيها نقصًا ولا يتطرق إليها خللٌ ولا يصل إليها عيبٌ، إنما هي شريعةٌ كاملةٌ، استوفت كل ما يحتاجه الناس في يقظتهم ونومهم وأسفارهم وإقامتهم وفي كل أحوالهم، والله - سبحان الله وتعالى - الذي أنزل هذه الشريعة هو الذي أَمَرَ بالعدل وحَرَّمَ الظلم؛ لأن العدل ينافي الظلم والظلم ينافي العدل، فالذي يعدل لا يظلم والذي يظلم قد جَافَى العدلَ (٢) وخَالَفَه، ونحن نجد أن كلمة التوحيد "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" لِأَجْلِهَا قامت السنة وأُنزِلَت الكُتب وبُعِثَت الرسل وخرِّدَت السيوف وجُوهِدَ في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا.

إذن؛ هذه الجزية حقّ مشروعٌ فُرِضَ على أناسٍ يقيمون في أرض المسلمين، فمن يريد ألا يَدفَعَها فما عليه إلا أن يُقبِل على هذا الدِّين العظيم الذي بعد أن قسم الله علينا - سبحان الله وتعالى - الشرائع السابقة إلى شريعتنا، قال سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا


(١) أخرجه أحمد (٦٤٩٢) عن عبد الله بن عمرو، وصححه الألباني. انظر: "آداب الزفاف" (٢٨٠).
(٢) أي: بعد عنه. يقال: جافى عضديه؛ أي: باعدهما عن جنبيه. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب"، للمطرزي (ص ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>