للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣]، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل.

فالدِّين هو دين الإسلام، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩].

فالله - سبحان الله وتعالى - أمر بإقامة هذا الدِّين ونهى الأُمة عن التفرق، لأنه بالتفرق تختلف الكلمة، وإذا اختلفت الكلمة دب النزاع وتجزَّأ المسلمون وطمع فيهم أعداؤهم، وهذا الاختلاف إنما هو من صفات أهل الجاهلية، أما الإسلام فإنه يَجمع ولا يُمْرِّق، والله - سبحان الله وتعالى - يقول؛ {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤].

وقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: ١٠٤].

وهذا الحق الذي يؤخذ من غير المسلمين ممن يقيمون في دار الإسلام، هل هو خاصّ بالمال أو هو أشمل من ذلك؟

سيأتي الكلام عنه، وأن أكثر العلماء يرون أنه لا يقتصر على المال، وإنما ربما يؤخذ من أهل الصنعة من صنعتهم، ومن أهل الثياب من ثيابهم، وأن الجزية تؤخذ في أي حالة كانت (١)، ولكن سنرى أيضًا عند


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "العناية شرح الهداية"، للبابرتي (٦/ ٤٦)؛ حيث قال: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " … أو عدله معافر"؛ أي: أو خذ مثل دينار بردًا من هذا الجنس يقال: ثوب معافري منسوب إلى معافر بن مر ثم صار له اسمًا بغير نسبة. وذكر في "الفوائد الظهيرية": معافر حيٌّ من همدان ينسب إليه هذا النوع من الثياب وعدل الشيء بفتح العين مثله إذا كان من خلاف جنسه وبالكسر مثله من جنسه (قوله: ولأنه وجب نصرة للمقاتلة) وكل ما وجب نصرة للمقاتلة وجب متفاوتًا (كما في خراج الأرض) ".
مذهب المالكية، يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ"، للباجي (٢/ ١٧٥)؛ حيث قال: "وهذا كما قال ومعناه أن النعم لا تؤخذ منهم صدقة كما تؤخذ من المسلمين؛ لأنهم لا زكاة عليهم في أموالهم، وإنما تؤخذ منهم النعم في جزيتهم بقيمتها، وقد فسر ذلك ابن وهب في "جامعه" فقال: وأخبرني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان يؤتى بنعم كثيرة من نعم الإبل فيأخذها في الجزية، قال:=

<<  <  ج: ص:  >  >>