للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تجب عليهم الزكاة؛ لأن من شروط دافع الزكاة أن يكون مسلمًا بالغًا مكلَّفًا، وأن يكون مالكًا للنصاب، أما غير هؤلاء فلا تجب الزكاة في ماله (١).

قوله: (إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ ضَاعَفُوا الصَّدَقَةَ عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ؛ أَعْنِي: أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا إِعْطَاءَ ضِعْفِ مَا عَلَى المُسْلِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْزَمُ فِيهَا المُسْلِمِينَ الصَّدَقَةُ).

وهو ما أشرنا إليه من قصة بني تغلب مع عُمَرَ - رضي الله عنه - حينما أراد أن يَفرِض عليهم الجزيةَ فَأَنِفُوا أن يُفرَّق بينهم وبين المسلمين العرب، وطَلَبُوا أن يَدفَعُوا الزكاة كالمسلمين لكونهم عَرَبًا أمثالهم، فَلَمَّا أَبَى عُمَرُ عليهم ذلك لَحِقَ عددٌ منهم بالروم أعداء المسلمين، فأُشِيرَ على عُمَرَ بأن أولئك الأقوامَ أهل شِدَّةٍ وبأسٍ، فَرَدَّهُمْ عُمَرُ - رضي الله عنه - وَفَرَضَ عليهم الزكاةَ مُضاعَفَةً.

ولو قيل: لماذا ضَعَّفَ على هؤلاء بالرغم من أنها لا تكون مُضَعَّفَةً على المسلمين؟

فالجواب: إذا ثَقُلَ عليهم ذلك، فعليهم أن يدخلوا في الإسلام، كما هو الحال في مَنْعِ رخصة إباحة أكل الميتة في حق المسافر إلى معصيةٍ رغم اضطراره إليهَا، فهذا - كما قلنا - إن خَشِيَ على نفسه الهلاكَ فعليه


= مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٣/ ١٣٨)؛ حيث قال: " (ويؤخذ) نصف العشر من الذمي والعشر من الحربي (من كل عام مرة) نص عليه لما روي: "أن نصرانيًّا جاء إلى عمر فقال: إن عاملك عشرني في السنة مرتين قال: ومن أنت؟ قال: أنا الشيخ النصراني فقال عمرت وأنا الشيخ الحنيف، ثم كتب إلى عامله ألَّا يعشر في السنة إلا مرة". رواه أحمد. ولأن الجزية والزكاة إنما يؤخذان في السنة مرة فكذا هنا".
وانظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٣/ ١٣٧)؛ حيث قال: "وإن اتجر ذمي ولو صغيرًا، أو أنثى أو تغلبيًا إلى غير بلده ثم عاد إلى بلده (ولم يؤخذ منه الواجب في الموضع الذي سافر إليه من بلادنا فعليه نصف العشر مما معه من مال التجارة) ".
(١) تقدَّم في باب الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>