للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَأَمَّا الجِزْيَةُ الثَّالِثَةُ: فَهِيَ العُشْرِيَّةُ).

- النوع الثالث: الجزية العُشرِيَّة: ويُقصد بها العشور التي تؤخذ من أهل التجارات، وسيأتي الحديثُ في مسائلَ مُتعلِّقةٍ بها، كالفرق بين الذمي والحربي فيها، وكذلك سيأتي الكلام على القدر المفروض فيها إذا كان العشر أو نصف العشر، ومثل ذلك.

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّ جُمْهُورَ العُلَمَاءِ (١) عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ عُشْرٌ، وَلَا زَكَاةٌ أَصْلًا فِي أَمْوَالِهِمْ).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٢/ ٣٧)؛ حيث قال: "ولا يؤخذ من المسلم إذا مر على العاشر في السنة إلا مرة واحدة؛ لأن المأخوذ منه زكاة والزكاة لا تجب في السنة إلا مرة واحدة. وكذلك الذمي؛ لأنه بقبول عقد الذمة صار له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين؛ ولأن العاشر يأخذ منه باسم الصدقة، وإن لم تكن صدقة حقيقة كالتغلبي فلا يؤخذ منه في الحول إلا مرة واحدة، وكذلك الحربي إلا إذا عشره فرجع إلى دار الحرب ثم خرج أنه يعشره ثانيًا، وإن خرج من يومه ذلك، لأن الأخذ من أهل الحرب لمكان حماية ما في أيديهم من الأموال، وما دام هو في دار الإسلام فالحماية متحدة ما دام الحول باقيًا فيتحد حق الأخذ". وانظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٣١٢ - ٣١٣).
مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (٢/ ٣١٨)؛ حيث قال: "وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زرعهم ولا على مواشيهم صدقة؛ لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيرًا لهم وردًّا على فقرائهم، ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغارًا لهم فهم، وإن كانوا ببلدهم الذي صالحوا عليه ليس عليهم شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم، إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين ويختلفوا فيها؛ فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٦/ ٦٧)؛ حيث قال: " (فإن استأذن) كافر الإمام في دخول الحجاز (أذن)، له (إن كان) في دخوله (مصلحة للمسلمين كرسالة) يؤديها وعقد ذمة وهدنة (وحمل ما نحتاج) نحن (إليه) من طعام ومتاع؛ فإن لم يكن مصلحة لم يأذن له (فإن كان) دخوله (لتجارة ليس فيها كبير حاجة) كالعطر (لم يأذن)، له الإمام في دخول الحجاز (إلا بشرط أخذ شيء منها)؛ أي: من متاعها، وقدر المشروط منوط برأي الإمام اقتداء بعمر - رضي الله عنه - فإنه كان يأخذ من القبط إذا تجروا إلى المدينة عشر بعض الأمتعة كالقطيفة، ويأخذ نصف العشر من الحنطة والشعير ترغيبًا لهم في حملها للحاجة إليهما".=

<<  <  ج: ص:  >  >>