للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا ينبني - كما قلنا - على أن الجزية هل هي غنيمة أم فيءٌ، وقد علمنا أن الجزية إنما هي صنفٌ من أصناف الفيء، مثلها مثل الخراج، ومثل الأموال التي يَفِرُّ عنها المُشرِك وَيترُكُها أو الأموال التي يُخلِّفها الكافر ولا وارث له؛ ولذا فإنها تُصرَف في مَصالِح المسلمين.

قوله: (وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ هَكَذَا، فَالأَمْوَالُ الإِسْلَامِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صَدَقَةٌ، وَفَيْءٌ (١)، وَغَنِيمَةٌ (٢)).


= والسلام - على جهة الاستحباب ثم يصرف للمصالح؛ أي: العائد نفعها على المسلمين كبناء المساجد والقناطر والغزو وعمارة الثغور وأرزاق القضاة وقضاء الديون وعقل الجراح وتزويج الأعزب ونحوهم وأشعر كلام المؤلف أن الفيء لا يلزم تخميسه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين"، للنووي (٦/ ٣٥٤)، حيث قال: "فمنه ما جلا عنه الكفار خوفًا من المسلمين إذا سمعوا خبرهم أو لضر أصابهم، وجزية أهل الذمة وما صولح عليه أهل بلد من الكفار، وعشور تجاراتهم المشروطة عليهم إذا دخلوا دار الإسلام، ومال من مات أو قتل على الردة، ومال من مات من أهل الذمة عندنا، ولا وارث له، وكل ذلك مخمس … هذا هو المذهب". وانظر: "روضة الطالبين"، للنووي (١٠/ ٣١٧).
مذهب الحنابلة، يُنظر: "المبدع في شرح المقنع"، لابن مفلح (٣/ ٣٦٦ - ٣٦٧)؛ حيث قال: " (ومصرفه مصرف الجزية) في الأشهر؛ لأنه مأخوذ من مشرك فكان جزية، وغايته أنه جزية مسماة بالصدقة؛ ولذلك قال عمر: هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى، وأبوا الاسم. (وقال الخرقي: مصرف الزكاة) هذا رواية، واختارها جمع؛ لأنه مسمى بالصدقة، فكان مصرفه مصرفها. والأول أقيس؛ لأن المعنى أخص من الاسم، ولو كان صدقة على الحقيقة لجاز دفعها إلى فقراء من أخذت منهم، كصدقة المسلمين".
(١) الفيء: ما يرجع إلى المسلمين من الغنيمة من أموال الكفار. انظر: "طلبة الطلبة"، للنسفي (ص ٨٠).
(٢) الغنيمة عرفها الحنفية بقولهم: هي اسم للمأخوذ من أهل الحرب على سبيل القهر والغلبة، إما بحقيقة المنعة أو بدلالتها، وهي إذن الإمام. انظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٧/ ١١٨).
وعند الشافعية هي: الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني وفقير. انظر: "الأم"، للشافعي (٤/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>