للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرَضَهُ عُمَرُ - رضي الله عنه -، وَإِنْ شُورِطُوا عَلَى أَكْثَرَ فَحَسَنٌ. قَالَ: وَحُكْمُ الحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ حُكْمُ الذِّمِّيِّ).

وليس هذا الكلام على إطلاقه، فالحنفية - كما قلنا - يُفَرِّقُون بين الحربيِّ والذميِّ، فيوجبون نصفَ العشرِ على الذميِّ، والعشرَ على الحربيِّ إذا كانوا يأخذون من المسلمين.

قوله: (وأَمَّا المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: وَهِيَ فِي مَاذَا تُصْرَفُ الجِزْيَةُ؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا مُشْتَرَكةٌ لِمَصَالِحِ المُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، كالحَالِ فِي الفَيْءِ عِنْدَ مَنْ رَأَى أَنَّهُ مَصْرُوفٌ إِلَى اجْتِهَادِ الإِمَامِ حَتَّى لَقَدْ رَأَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ اسْمَ الفَيْءِ إِنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الجِزْيَةِ فِي آيَةِ الفَيْءِ" (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (٣/ ٢٨٣)، حيث قال: "والجزية والخراج ومال التغلبي وهدية أهل الحرب، وما أخذنا منهم بلا قتال يصرف في مصالحنا كسد الثغور وبناء القناطر والجسور وكفاية القضاة والعلماء والمقاتلة وذراريهم؛ لأنه مأخوذ بقوة المسلمين فيصرف إلى مصالح المسلمين وهؤلاء عملة المسلمين قد حبسوا أنفسهم لمصالح المسلمين فكان الصرف إليهم تقوية للمسلمين، ولو لم يعطوا لاحتاجوا إلى الاكتساب، وتعطلت مصالح المسلمين، ونفقة الذراري على الآباء فيعطون كفايتهم؛ كي لا يشتغلوا بها عن مصالح المسلمين ولا خمس في ذلك؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يخمس الجزية، ولأنه مال أخذ بقوة المسلمين بلا قتال بخلاف الغنيمة؛ لأنها مأخوذة بالقهر والقتال فشرع الخمس فيها لا يدل على شرعه في الآخر، ومن جملة هذا النوع ما يأخذه العاشر من أهل الحرب".
مذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٣/ ١٢٩)؛ حيث قال: "والجزية لآله - عليه الصلاة والسلام - ثم للمصالح (ش) تقدم أن أرض العنوة توقف لمصالح المسلمين ولا تقسم. وأما خراجها إن أقرت بأيدي المسلمين أو أهلها لعمارتها أو سوقوا على سوادها والخمس الذي لله ولرسوله؛ أي: الخمس الخارج بالقرعة من غنيمة أو ركاز كما مر عند قوله: "وفي ندرته الخمس كالركاز" والفيء والجزية العنوية والصلحية وعشور أهل الذمة وخراج أرض الصلح محله بيت مال المسلمين يصرفه الإمام في مصارفه باجتهاده؛ فيبدأ من ذلك بآل النبي - عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>