للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقهي فقط كما هو الحال في الصلاة والزكاة والصوم والحج، وإنما يتعلَّق إلى جانب ذلك بالجانب العقائدي.

فالأيمان: جمع يمين، واليمين الأصل فيها أنها هي اليد، كان العرب يُطلِقون اليمينَ على اليد، وقد سُمِّيَ القَسَمُ يمينًا؛ لأنك إذا حلفتَ فكأنك تضع يدك في يد المحلوف له توثيقًا ووفاءً بالعهد.

ولذلك؛ فإن هذا المبحث يتطلب منا أن نَعرِض أيضًا لمباحث في العقيدة؛ لأن الأيمان إنما يراد بها التعظيم، فإذا أقسم الإنسان بشيءٍ فالمراد مِن قَسَمِهِ به إنما هو تعظيمه، والله وحده هو الذي يستحق العظمة والعزة والإجلال والكبرياء سبحانه وتعالى؛ فهو رب هذا الكون وخالقه والمُصَرِّفُ فيه، أما غيره فلا ينبغي أن يُرفَعَ عن مكانته التي خُلِقَ من أجلها مهما ارتفَعَت مكانته وثبتَت منزلته، حتى وإن كان مَلَكًا من الملائكة أو نبيًّا من الأنبياء.

ولا شك أن تأصيل العقيدة إنما هو الأساس، فالمسلم دائمًا ينبغي أن يكون ذا عقيدةٍ صحيحةٍ سليمةٍ مستقرةٍ ثابتةٍ لا تتغير ولا تتزعزع.

فهذا الباب إنما سنتناول فيه ما يتعلَّق بالأيمان، وسنعرف أن الأيمان أنواعٌ، فهناك أيمانٌ يَتلَفَّظ بها الإنسان عادةً أثناء حديثه، وأيمانٌ يَذكُرُها الإنسان لِيُدعمَ بها هذا الأمرَ المحلوفَ عليه، وهناك قضايا تتطلَّب من الإنسان أن يُقسِم فيها، كاليمين المتوجبة على مُنكِر الدعوى؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "البينة على المدَّعي واليمين على من أنكر" (١).

وكذلك سنتناول حروف الأيمان، فهناك حروف معروفة للقسم، كالواو والباء والتاء، وقد مر بنا أن الهاء نابت عن جملة: "واللهِ لَا يكونُ ذَا" في قول أبي بكر - رضي الله عنه -: "لا ها الله".


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٤٢٧) عن ابن أبي مليكة، قال: كنت قاضيًا لابن الزبير على الطائف، فذكر قصة المرأتين، قال: فكتبت إلى ابن عباس، فكتب ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدِّعي، واليمين على من أنكر". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>