ونتناول فيه كذلك حكم القَسَم إذا لم يُضَفْ لله تعالى، وحكم قول الإنسان:(وَالله لأَفْعَلَنَّ كذا) دون أن يأتي فيه بحرفٍ من حروف القسم.
وسنذكر كذلك الأدلة على أحكام الأيمان؛ فالأيمان حكمها ثابتٌ في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أجمع العلماء على مشروعيتها.
أما الكتاب: فقد ورد في ذلك أدلة كثيرة تدل على مشروعية القسم، ومن ذلك:
- قول الله سبحانه وتعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[البقرة: ٢٢٥]، وفي هذه الآية نتبين أن القَسَمَ ليس على نوعٍ واحدٍ، فهناك اللغو، وهو مثل أن يقول الإنسان في أثناء حديثه:(والله) و (بالله) و (تالله) ونحو ذلك، دون أن يعقد العزم على ذلك بقلبه، وهناك يمين يُقصَد بها حقيقتها، وهذه اليمين قد يَحلِف بها المسلمُ فيَبَرُّ بيمينه وينتهي الأمر عند ذلك، وقد لا يؤدي ما حَلَفَ عليه فيُكَفِّر عنها، وقد يحلف على أمرٍ وهو كاذبٌ، وهذا خطر عظيم.
وأيضًا قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)} [المائدة: ٨٩]، فالله سبحانه وتعالى بعد أن بَيَّنَ ما لا يُؤاخَذُ فيه من الأيمان بَيَّنَ لنا ما كفارة اليمين المنعقدة، ومع ذلك أوصانا سبحانه وتعالى أن نكون من المحافظين على أيماننا.