للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض العلماء يُقَسِّمُ الأيمانَ إلى أحكامٍ خمسةٍ (١):

- يمينٌ واجبةٌ: كاليمين التي يؤديها الإنسان حرصًا على سلامة المسلم، كما في قصة سويد بن غفلة؛ فإنه كان في نفرٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالتقوا بِعَدُوٍّ لوائل بن حجر، فأمسكوا به، فرأى سويدٌ أنَّ بقية القوم قد تَحَرَّجُوا من الحَلِفِ، فحَلَفَ بالله أنه أخوه، فكان ذلك سببًا في تعبه، فأسرع إلى رسول الله فسأله، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يقول له: "صدقتَ، إنما المؤمنون إخوةٌ، فالمسلم أخو المسلم" (٢)؛ فهذه اليمين التي تُقسِمُ بها لِتُنقِذَ أخاكَ المُسلِمَ من الهلاك يرى العلماءُ وُجُوبَهَا (٣).

- يمينٌ مندوبةٌ: كأن تفعلها في سبيل الصلح بين قبيلتين متناحرتين؛ حتى لا تثور الحرب بينهما فتسيل الدماء وتقطع الرقاب، أو تفعلها لتوفق بين أخوين متخاصمين، ومن المعلوم أن الكذب يجوز في ثلاثة مواطِنَ: في الحرب، والصلح، والرجل على امرأته (٤).


(١) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٤٩٠ - ٤٩٢)؛ حيث قال: "والأيمان تنقسم خمسة أقسام؛ أحدها: واجب … الثاني: مندوب، وهو الحلف الذي تتعلَّق به مصلحة؛ من إصلاح بين متخاصمين … فهذا مندوب؛ لأن فعل هذه الأُمور مندوب إليه، واليمين مفضية إليه … الثالث: المباح، مثل الحلف على فعل مباح أو تركه … الرابع: المكروه، وهو الحلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب … القسم الخامس: المحرم، وهو الحلف الكاذب".
(٢) أخرجه أبو داود (٣٢٥٦) عن سويد بن حنظلة، قال: خرجنا نريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له فتحرَّج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي فخلى سبيله، فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي، قال: "صدقتِ المسلم أخو المسلم". وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦٧٠٤).
(٣) وهم الحنابلة.
(٤) معنى حديث أخرجه مسلم (٢٦٠٥) عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرًا ويَنمي خيرًا" قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>