للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤلف هاهنا يريد أن يقول: إن هذا القول إنما هو مذهبٌ لأهل الظاهر، وبالرغم من نقله في مذهب مالكٍ الذي ينتسب إليه المؤلف؛ فهذا لا يمنع من أن يُضَعِّفَهُ؛ اتباعًا للحق، وهذا هو ما ينبغي لطالب العلم أن ينتهجه دائمًا، من السَّير خَلْفَ الدليل وتعظيمه والانتماء إليه أكثر مما عداه، حيث لم يُنقَل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طريقٍ صريحٍ أنه أَقْسَمَ بغير الله، وإنما حَلِفُهُ - صلى الله عليه وسلم - بالله تعالى ما أَكْثَرَ وُرُودَه، كما جاءَ في البخاري وغيره من قوله للمرأة الأنصارية وأولادها: "والذي نفسي بيده، إنكم لأحَبُّ الناس إِلَيَّ" (١)، وقوله: "والله لأغزون قريشًا" (٢) قالها ثلاثًا، وكذلك قوله في خطبة الكسوف: "والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا" (٣).

قوله: (وَشَذَّتْ فِرْقَةٌ، فَمَنَعَتِ اليَمِينَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالحَدِيثُ نَصٌّ فِي مُخَالَفَةِ هَذَا المَذْهَبِ (٤).

ولا شك أن هذا من الجهل والضلال، وأنه قولٌ باطلٌ مردودٌ على صاحبه، فالأيمان بالله يكفي فيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ منها، والناظر في كتب الحديث يجدها مليئةً بهذا، بل يجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


= تعالى، "كقدرته" و"عزته" و"إرادته" و"عظمته" وغيرها من الصفات؛ فقد اختلف المذهب في جواز اليمين بها على قولين: والثاني: أنه لا يجوز اليمين بها جملة، ولا تجب الكفارة على من حلف بها، وهو ظاهر قوله في كتاب "ابن المواز" فيمن حلف وقال: "لعمر الله"، قال: لا يعجبني أن يحلف بها أحد، وقال فيمن قال: "وأمانة الله": نحن نكره اليمين بها".
(١) أخرجه البخاري (٦٦٤٥) واللفظ له، ومسلم (٢٥٠٩) عن أنس بن مالك: أن امرأة من الأنصار أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - معها أولاد لها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، إنكم لأحب الناس إليَّ" قالها ثلاث مرار.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) لم أقف عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>