للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكرر الأيمان بالله في مواعظه وخطبه، وقد ذَكَرْنَا حديثه للمرأة الأنصارية وأبنائها حين قال: "والذي نفسي بيده إنكم لأحب الناس إليَّ" كررها ثلاثًا (١)، وما أَكْثَرَ ما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده" (٢) و: "والذي نفس محمد بيده" (٣) و: "والله"، فقد تواتَرَت الأدلة بنقل القَسَم بالله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَن يدَّعي غير ذلك فقوله باطل مردودٌ عليه.

بل إن هناك جُملةً من الأحكام الفقهية يكون الحكم فيها مترتبًا على اليمين، كما أن هناك في اللغة العربية ما يحتاج لاستخدام أدوات القَسَم؛ لأن القَسَمَ من المؤكِّدات في الجملة الاسمية، فالأيمان مطلوبةٌ، وعندما يُقسِمُ المسلمُ بالله فإنَّ في ذلك تعظيمًا لله، بحيث يكون كأنه يُعطِي الطرفَ المقابلَ توثيقًا واطمئنانًا إلى ما يقول.

لكن يجب على مَن يُقسِم بالله - كما ذَكَرْنَا - أن يكون صادقًا في يمينه بارًّا بها، لقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: ٢٢٤].

وقد أُثِرَ عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "لأَنْ أَحْلِفَ بالله كاذبًا خيرٌ مِن أنْ أَحْلِفَ بغير الله صادقًا" (٤)، يعني: أن يَحلِفَ بالله وهو كاذبٌ - وحاشاه أن يَكذِبَ - خيرٌ مِن أن يَحلِفَ بغير الله صادقًا؛ فكيف يقالُ بأنه لا يُقسَمُ ولا يُحلَفُ بالله؟!

قال المصنف رحمه الله تعالى:


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٨/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>