للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكَفَّارَةُ فِي الأَيْمَانِ الَّتِي تَكُونُ فِي المُسْتَقْبَلِ إِذَا خَالَفَ اليَمِينَ الحَالِف، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ: مَالِكٌ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ (٣)).

فهذه اليمين الغموس، التي يحلف فيها الإنسان على أمر قد مضى، وهو يعلم أنه كاذب فيما حلف عليه.

فجمهور العلماء على أن الكفارة لا ترفع هذه اليمين، وهذا قد نُقِلَ عن عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة، وأثر عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "كنا لا نرى في اليمين الغموس كفارة" (٤)؛ وذلك لأن الكفارةَ لا تَرفَعُ الإثمَ الموجودَ فيها، ولأنها كذلك قد يَذهَبُ بها حقُّ مُسلِمٍ.


(١) يُنظر: "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (٣/ ٩٣)، حيث قال: " (و)، لا كفارة في يمين (غموس) سُمِّيت به لأنها تغمس صاحبها في النار، وقيل: في الإثم، قال المصنف: وهو أظهر؛ لأنه سبب حاصل. قاله تت؛ أي: موجود بخلاف الغمس في النار؛ فإنه ليس محققًا إذ فاعل الزنا تحت المشيئة عند أهل السُّنة، ولا تتحتم عليه النار خلافًا للمعتزلة، ويجاب عن الأول: بأن معنى قوله: تغمسه في النار: يستحقها بسببه، ولا يلزم من استحقاقها دخولها … لا يقال: الغموس لا كفارة فيها، فلا فائدة لقوله بلا تبين صدق وإنما عليه إثم الجراءة مع تبين صدقه".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٣/ ١٥)؛ حيث قال: "أما يمين الغموس فحكمها وجوب الكفارة لكن بالتوبة والاستغفار لأنها جُرأة عظيمة".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٦/ ٢٣٥)؛ حيث قال: " (فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة)؛ لأن شرط الانعقاد إمكان البر والحنث وذلك متعذر في الماضي (وهي)؛ أي: اليمين على الماضي (نوعان غموس وهي التي يحلف بها) على الماضي (كاذبًا عالمًا) سُمِّيت غموسًا لأنها (تغمسه)؛ أي: الحالف بها (في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها)، لقول ابن مسعود: "كنا نعد من اليمين التي لا كفارة فيها الممين الغموس " … وهي من الكبائر للخبر الصحيح، (ويكفر كاذب في لعانه ذكره في "الانتصار") هذا مبني على وجوب الكفارة في اليمين الغموس كما في "المبدع"".
(٤) أخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (ص ٢١٣)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٦٧) عن أبي العالية قال: قال أبو عبد الرحمن يعني ابن مسعود: "كنا نعد الذنب الذي لا كفارة له اليمين الغموس. قيل: وما اليمين الغموس؟ قال: اقتطاع الرجل مال أخيه باليمين الكاذبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>