وأما بالنسبة للآية؛ فلا يصح الاستدلال بها، إذ يلزم منه أنَّ المعتكف لا يصح اعتكافه إلا بطهارة، ولم يشترط أحدٌ ذلك، إلا إن كان جنبًا فيجب عليه أنْ يتطهر ثم يعتكف؛ لأنَّ الجنابة تنافي المكث في المسجد.
ولا شكَّ أنَّ الأفضل أن يطوف بطهارةٍ بالإجماع، ولا أظنُّ أنَّ أحدًا قال: إنَّ الطواف بطهارة وبغير طهارة سواء، لأنه من الذكر، ولفعله - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:(فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ) فيه أنَّ المسلم في هذا الحال لا يستحق جوابًا وهذا متفق عليه.
قال بعض العلماء: يكره أن يسلم على المشتغل بقضاء حاجة البول والغائط فإنْ سلَّم عليه كره له رد السلام، قالوا: ويكره للقاعد على قضاء الحاجة أن يذكر الله تعالى بشيء من الأذكار.
قالوا: فلا يسبِّح ولا يهلِّل ولا يرد السلام ولا يشمت العاطس ولا يحمد الله تعالى إذا عطس ولا يقول مثل ما يقول المؤذن.
(١) أخرج مسلم (١/ ٢٨١): عن عمير، مولى ابن عباس، أنَّه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهم: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه، حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه، ثم رد عليه السلام".