للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ بِأَلفَاظِ الاسْتِثْنَاءِ، أَوْ بِتَخْصِيصِ العُمُومِ، أَوْ بِتَقْيِيدِ المُطْلَقِ، هَذَا هُوَ المَشْهُورُ (١)، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَنْفَعُ الاسْتِثْنَاءُ بِالنِّيَّةِ بِغَيْرِ لَفْظٍ فِي حَرْفِ "إِلَّا" فَقَطْ، أَيْ: بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ "إِلَّا"، وَلَيْسَ يَنْفَعُ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الحُرُوفِ (٢)، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ ضَعِيفَةٌ، وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الاخْتِلَافِ هُوَ: هَل تَلزَمُ العُقُودُ اللَّازِمَةُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ دُونَ اللَّفْظِ، أَوْ بِاللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ مَعًا، مِثْلَ الطَّلَاقِ وَالعِتْقِ وَاليَمِينِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ).

ودليل هذا الاشتراط: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ" (٣)، والمقصود: قول اللِّسان، لا قول القلب الذي هو اعتقاده. وهذا قول مُسلَّم به عند عامة العلماء (٤).

وقوله: (وأمَّا اشتراط النطق باللِّسان فإنه اختلف فيه … ) هذا خلاف يسير لا أثر له ولا اعتداد به عند العلماء.


(١) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٣٦٨). حيث قال: "وأجمع كلُّ مَن يُحفظ عنه من أهل العلم: أن الحالف لا يكون مستثنيًا، حتى يتكلم بالاستثناء في نفسه، لم ينفعه حتى يظهره بلسانه".
وينظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٥٢٣). حيث قال: "وقد روي عن أحمد: إن كان مظلومًا فاستثنى في نفسه؛ رجوت أن يجوز إذا خاف على نفسه. فهذا في حق الخائف على نفسه؛ لأن يمينه غير منعقدة، أو لأنه بمنزلة المتأول، وأما في حق غيره فلا".
(٢) يُنظر: "حاشية العدوي على شرح الخرشي" (٣/ ٥٦)." (قوله: على المشهور)، ومقابله: ما رواه أشهب: أن النية كافية إذا كان الاستثناء بإلا، أو إحدى أخواتها. وقيَّد ابن رشد الخلاف: بما إذا كانت اليمين لا يُقضى فيها بالحنث، أو كانت ولم تقم عليه بيِّنة، وأما إن قامت عليه بيِّنة، وهي مما يقضى فيها بالحنث، فلا يفيد القصد من غير نطق. وأما الاستثناء الرافع لجُملة المحلوف عليه في بعض الأحوال نحو: لأعطين زيدًا دينارًا إن قدم عمرو … فلا بد فيه من تحريك اللِّسان بلا خلاف".
(٣) تقدَّم.
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>