للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليَمِينُ (١)، وَذَلِكَ إِمَّا فِعْلُ مَا حَلَفَ عَلَى أَلَّا يَفْعَلَه، وَإِمَّا تَرْكُ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ تَرَاخَى عَنْ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ إِلَى وَقْتٍ لَيْسَ يُمْكِنُهُ فِيهِ فِعْلُه، وَذَلِكَ فِي اليَمِينِ بِالتَّرْكِ المُطْلَقِ، مِثْلَ: أَنْ يَحْلِفَ لَيأْكلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَيَأْكُلُهُ غَيْر، أَوْ إِلَى وَقْتٍ هُوَ غَيْرُ الوَقْتِ الَّذِي اشْتُرِطَ فِي وُجُودِ الفِعْلِ عَنْدَه، وَذَلِكَ فِي الفِعْلِ المُشْتَرَطِ فِعْلُهُ فِي زَمَانِ مَحْدُودٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: وَاللهِ، لأَفْعَلَنَّ اليَوْمَ كذَا وَكلذَا، فَإِنَّهُ إِذَا انْقَضَى النَّهَار، وَلَمْ يَفْعَل، حَنِثَ ضَرُورَةً).

هذا فصل عقده المصنفُ في موجب الحنث وشروطه وأحكامه، ومتى يكون الإنسان حانثًا؟ فلو أقسم إنسان على أن يفعل شيئًا فلم يفعله حنث، وإذا حلف لزمته الكفارة، ولو أقسم على ألا يفعل شيئًا ففعله حنث، وتلزمه الكفارة.

والحنث معناه: العدول وعدم فعل ما التزم به (٢).

والذي ينبغي على العبد إذا حلف على أمر من الأُمور، ثم تبين له أن الخير في عدم فعله، أو إذا حلف على ترك أمر من الأُمور، ثم رأى أن المصلحة في فعله فإنه يُكَفِّر، ويأتي الذي هو خير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني إن شاء الله لا أحلفُ على يمين فأرى غيرَها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خير وتَحَلَّلْتُ" (٣)، والله عزَّ وَجلّ يقول: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [النور: ٢٢]، أي: أن تتحلل منها بالكفارة، وفي حديث الإفك (٤)


(١) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٣٦٦). حيث قال: "وأجمع أهل العلم على أنَّ مَن حلف فقال: والله، أو بالله، أو تالله، فحنث أن عليه الكفارة".
(٢) الحنث: عدم البِر فيها، وقال ابن الأعرابي: "الحنث: الرجوع في اليمين: أن يفعل غير ما حلف عليه. والحنث في الأصل: الإثم، ولذلك شُرعت فيه الكفارة". انظر: "المطلع على ألفاظ المقنع" للبعلي (٤٧١).
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٨٠)، ومسلم (١٦٤٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>