للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبزًا، ثم قال: إنَّما نويت ألا أدخل دارًا، فلا اعتبار لنيته في هذه الحال، لأن اللفظ لا يحتمل.

وكذلك لو حلف على أمر له حقيقتان؛ إحداهما: عرفية، والأخرى: لغوية، لكن أحدهما أقرب إلى الذهن من الآخر، فهل ينصرف إلى المعنى اللغوي أو إلى المعنى العرفي؟ (١).

وكذلك إذا حلف الإنسان على أمر وكان مجملًا؛ فهل نرجع إلى قرائن الأحوال التي دعته إلى اليمين أو لا؟ فهذا كله مما


(١) لمذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٤/ ٣٢٣)، حيث قال: "والأصل أن الأيمان مبنيَّة على العرف عندنا … ؛ لأن المتكلم إنما يتكلم بالكلام العرفي، أعني: الألفاظ التي يراد بها معانيها التي وضعت في العرف، كما أن العربي حال كونه من أهل اللغة إنما يتكلَّم بالحقائق اللغوية، فوجب صرف ألفاظ المتكلِّم إلى ما عُهِد أنه المراد بها".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "شرح الخرشي" (٣/ ٦٩، ٧٠)، حيث قال: "فإن لم يكن للحالف نية وليس ثَمَّ بِساط تُحمل يمينه عليه حُمِلت على العرف القولي؛ لأنه غالب قصد الحالف … (ص) ثم مقصد لغوي. (ش)، أي: ثم إن عدم ما ذكر اعتبر مخصصًا ومقيدًا مقصد لغوي، أي: مدلول لغوي، فيحمل اللفظ على ما يدل عليه لغة، كقوله: والله لا أركب دابة، وليس لأهل بلده عُرف في الدابة، بل لفظ الدابة عندهم يُطلق على معناه لغة، وهو كل ما دب، فإنه يحنث حينئذ بركوبه، ولو كتمساح".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ٢١٣)، حيث قال: " (ولو) تعارض المجاز والحقيقة المشتهرة قُدِّمت عليه … فإن كان المجاز مشتهرًا قُدِّم على الحقيقة المرجوحة".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" (٦/ ٢٥٤ - ٢٦٢)، حيث قال: "والاسم اللغوي، وهو الحقيقة، أي: اللفظ المستعمل في وضع أول (ما لم يغلب مجازه … فإن حلف لا يأكل اللحم فأكل الشَّحم … ونحوه لم يحنث)؛ لأنه لا يُسمَّى لحمًا … ، والعرفي: ما اشتهر مجازه حتى على حقيقته، أي: اللغوية (بحيث لا يعلمها أكثر الناس)؛ لأنه إذا لم يشتهر يكون مجازًا لغة، عرفيًّا لاستعمال أهل العرف له في غير المعنى اللغوي، وذلك أن اللفظ قد يكون حقيقة لغوية في معنى ثم يغلب على معنى آخر عرفي … (فإن حلف على وطء امرأة تعلقت يمينه بجماعها)؛ لأنه الذي ينصرف إليه اللفظ في العُرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>