للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى الاحْتِيَاطِ)، أي: مالك رَحِمهُ الله، الأحوط أن يُكَفِّر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْ ما يَرِيبُك إلى ما لا يَرِيبُك" (١)، ولا شك أن هذا هو الأحوط.

* قوله: (وأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَمِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يُفْهَمُ مِنْهُ القَصْدُ إِلَى مَعْنًى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي لَفَظَ بِهِ أَوْ أَخَصَّ، أَوْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ وَيَنْوِي بِهِ مَعْنًى أَعَمَّ أَوْ أَخَصَّ، أَوْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ الَّذِي حَلَفطَ عَلَيْهِ اسْمَانِ، أَحَدُهُمَا: لُغَوِيٌّ، وَالآخَرُ: عُرْفِيٌّ، وَأَحَدُهُمَا أَخَصُّ مِنَ الآخَرِ).

صورة المسألة: أن يحلف إنسان على أمر من الأُمور، لكن اللفظ الذي أقسم به يحتمل ذلك اللفظ الظاهر ويحتمل غيره، وكذلك تختلف الحال في اليمين بحسب نيته؛ هل نوى نفس اللفظ الذي نَطَقَ به، أو أنه أطلق، لأنه قد يكون ما في نيته موافقًا للفظ الذي نطق به، وقد يكون مخالفًا كأن يكون اللفظ الذي نطق به ينصرف إلى الخاص وهو يريد العام، أو ينصرف إلى العام وهو يريد الخاص، واختلف العلماء في مثل هذه المسائل، وهل نرجع إلى نيته أو نقف عند ظاهر اللفظ؟

فذهب بعض أهل العلم إلى الوقوف عند ظاهر اللفظ (٢)، وأنه لا اعتبار للنية في هذا المقام، بدليل أن النية لا تُعتبر بالنسبة للأيمان، فلو نوى الإنسان أمرًا من الأُمور لا يعتبر يمينًا، وإنما تتحقق اليمين باللفظ بها.

وذهب بعضهم إلى أن النية معتبرة في ذلك (٣)، ويُرجع إليها في كل مسألة شريطة أن يكون ذلك اللفظ محتملًا، فلو حلف إنسان ألا يأكل


(١) أخرجه النسائي (٢٥١٨)، وصححه الألباني في "المشكاة" (٢٧٧٣).
(٢) وهم الشافعية والحنفية، وسيأتي.
(٣) وهم الحنابلة، وسيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>