للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بعض روايات هذا البيت: (قُبيلة … )، وفي بعضها: (قبيلته … ).

والشاهد قوله: (حبة خردل)، وحبة الخردل يسيرة جدًّا لا تكاد تُذكر، لكنه أراد نفي الظلم عنهم مطلقًا، فهذا من إطلاق الخصوص وإرادة العموم.

ومن إطلاق العام وإرادة الخاص: قول الله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: ١٧٣]، فالمقصود بالناس في قوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}: أبا سفيان.

ومنه قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف:٢٥] استدل المعتزلة على قولهم: إن القرآن مخلوق بهذه الآية، حيث قال سبحانه: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}، وقل في الآية الأُخرى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} [الأنعام: ١٠٢]، و (كل) من صيغ العموم، إذًا القرآن مخلوق. وهذا كلام غير صحيح، فإن القرآن إنما هو كلام الله، منه بدأ وإليه يعود، تكلم به سبحانه وتعالى.

وقوله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} هذا من العام الذي أُريد به الخاص، فمعلوم أنها لم تدمر السماوات ولا الأرض، ولا مساكنهم قال تعالى: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: ٢٥]، وفي قراءة: {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} (١).

قوله: (إذا حلف على شيء بعينه … )، أي: إذا حلف ألا يأكل


(١) يُنظر: "تفسير الطبري" (٢٢/ ١٢٩). حيث قال: "واختلفت القُرَّاء في قراءة قوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}؛ فقرأ ذلك عامة قُرَّاء المدينة والبَصرة: (لا تَرَى إلا مَساكِنَهُمْ) بالتاء نصبًا، بمعنى: فأصبحوا لا ترى أنت يا محمد إلا مساكنهم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}، بالياء في (يُرى) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>