للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا أو لا يفعل شيئًا؛ فذهب الشافعية (١)، والحنفية (٢) إلى الأخذ بظاهر اللفظ ولا اعتبار بالنية؛ لأن اللِّسان هو الدال على المقصود، وأما النية فلا يُرجع إليها؛ بدليل أنه لو لم يتلفظ بلسانه لما اعتبر قسمًا.

وذهب الحنابلة (٣) إلى أن اليمين على نية الحالف؛ سواء كان موافقًا لظاهر اللفظ الأصلي بأن كان اللفظ والمعنى متطابقان، أو كان مخالفًا له؛ كأن يحلف على شيء ظاهره العموم ويراد به الخصوص، أو على شيء خاص يراد به العام، وقولهم هذا قريب من مذهب المالكية كما سيأتي؛ إذ يرون أن النية معتبرة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما الأعمالُ بالنيات، وإنَّما لكل امرئ ما نوى" (٤).

* قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ (٥)، فَإِنَّ المَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ المُعْتَبَرَ


(١) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٨٦). حيث قال: "والأصل في هذا وما بعده: أن الألفاظ تُحمل على حقائقها، إلا أن يكون المجاز متعارفًا ويريد دخوله فيدخل أيضًا، فلا يحنث أمير حلف: لا يبني داره وأطلق إلا بفعله، ولا مَن حلف لا يحلق رأسه فحلق غيره له بأمره".
(٢) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٧٤٣ - ٧٤٥). حيث قال: " (الأيمان مبنيَّة على الألفاظ لا على الأغراض فلو) اغتاظ على غيره، و (حلف أن لا يشتري له شيئًا بفلس، فاشترى له بدرهم) أو أكثر (شيئًا لم يحنث؛ كمن حلف لا يخرج من الباب، أو لا يضربه أسواطًا، أو ليغدينه اليوم بألف، فخرج من السطح وضرب بعضها، وغدى برغيف). اشتراه بألف أشباه (لم يحنث)؛ لأن العبرة لعموم اللفظ إلا في مسائل حلف لا يشتريه بعشر، حنث بأحد عشر بخلاف البيع أشباه".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٤٥). حيث قال: " (يرجع فيها)، أي: الأيمان (إلى نية حالف إن كان) الحالف (غير ظالم) لها كان (ولفظه يحتملها)، أي: يحتمل النية، فتعلق يمينه بما نواه دون ما لفظ به … ولأن كلام الشارع يُصرف إلى ما دل الدليل على أنه أراده دون ظاهر اللفظ، فكلام المتكلِّم مع اطِّلاعه على إرادته أولى، (ويُقبل) منه (حكمًا) أنه أراد ذلك، (مع قرب الاحتمال من الظاهر وتوسطه)؛ لأنه لا يخالف الظاهر".
(٤) أخرجه البخاري (١).
(٥) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٣٦ - ١٤٠). حيث قال: "وهذا شروع فيما يخصص اليمين أو يقيدها، وهو خمسة: النية، والبساط، والعُرف القولي، والمقصد =

<<  <  ج: ص:  >  >>