للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا الأَيْمَانُ الَّتِي يُقْضَى بِهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ الحَالِفُ مُسْتَفْتِيًا، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اليَمِينِ الَّتِي لَا يُقْضَى بِهَا عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ مُرَاعَاةِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ فِيهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، وَإِنْ كانَ مِمَّا يُقْضَى بِهَا عَلَيْهِ لَمْ يُرَاعَ فِيهَا إِلَّا اللَّفْظ، إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ لِمَا يَدَّعِي مِنَ النِّيَّةِ المُخَالِفَةِ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ قَرِينَةُ الحَالِ أَوِ العُرْفِ) (١).

فرق بين مجلس الفتوى ومجلس القضاء؛ لأن حكم القاضي مُلزم بخلاف حكم المفتي، فمن جاء مستفتيًا فإنه يعامل معاملة الحالف في غير مجلس القضاء، فحكم المفتي ليس بملزم.

قوله: (وإن كان مما يقضى بها عليه لم يراع فيها إلا اللفظ)؛ لأن القاضي إنما يحكم بما ظهر له من القرائن كشهادة الشهود مثلًا، ولا يلتفت إلى نية أحد الخصمين إلا أن تكون هناك قرائن مرجحة.

ولذا حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من شهادة الزور، فعن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أُحدثكم بأكبر الكبائر؟ ". قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين". قال: وجلس وكان متكئًا فقال: "وشهادة الزور - أو - قول الزور"، فما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولها حتى قلنا: ليته سكت" (٢)، وذلك لما يترتب على شهادة الزور من أمور خطيرة من ضياع الحقوق، أو إزهاق نفس ظلمًا، وغير ذلك.


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ١٦١). حيث قال: "النية المساوية للفظ تُقبل مطلقًا في الفتوى والقضاء، ولو بطلاق وعتق مُعَيَّن مع المرافعة … والنية إذا كانت تُقبل عند المفتي مطلقًا كانت اليمين بالله أو بغيره، ولا تقبل عند القاضي مع المرافعة إذا كانت اليمين بطلاق أو عتق معين … ".
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٧٦)، ومسلم (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>