للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في الأيمان على نية المواعيد، يعني: أن يحلف في أمر من الأُمور ويُوقته بوقت محدد، على قولين:

القول الأول: أنه على نية المستحلف (١)، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اليمين على نية المستحلِف" (٢)، واستثنى العلماء ما يتعلَّق بالدعاوى والبينات؛ نظرًا لعموم أدلة الشريعة وقواعدها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: "يَمِينك على ما يُصَدِّقُك به صاحبك" (٣)، لا على ما تخدع به صاحبك.

القول الثاني: أنه على نية الحالف، وإليه ذهب المالكية (٤)، والشافعية (٥)، وعللوا ذلك بأن النية معتبرة، واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٢٠). حيث قال: "وأمَّا بيان أن اليمين بالله عزَّ وَجلّ على نية الحالف أو المستحلف؛ فقد روي عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، عن حَمَّاد، عن إبراهيم: أنه قال: "اليمين على نية الحالف إذا كان مظلومًا، وإن كان ظالمًا فعلى نية المُستحلف".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٣١٩، ٣٢٠). حيث قال: "فإن كان الحالف ظالمًا كالذي يستحلفه الحاكم على حقٍّ عنده لم ينفعه تأويله)، قال في "المبدع": بغير خلاف نعلمه … ، (وإن كان) الحالف (مظلومًا كالذي يستحلفه ظالمٌ على شيء لو صَدَقَه)، أي: أخبره به على وجه الصدق (لظَلَمه أو ظَلَم غيره أو نال مسلمًا) قلت: أو كافرًا محترمًا - (منه ضرر، فهنا له تأويله) ".
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.
(٤) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ١٣٨)، حيث قال: "وقيدت إلا إن روفع فلا تُقبل نيته في الطلاق والعتق المعين، أو استحلف في حق فلا تنفعه مطلقًا. وحاصله: أنه إذا استحلف في وثيقة فلا تُقبل نيته مطلقًا كانت تلك النية مساوية لظاهر اللفظ، أو كانت مخالفة له قريبة من التساوي لا في الفتوى ولا في القضاء، كانت اليمين بالله أو بطلاق أو بعتق معين أو غير معين منجزًا أو معلقًا، وظاهره عدم القبول، ولو كان الحلف عند غير حاكم، وهو كذلك، وقوله: أو استحلف … إلخ، أفهم تعبيره بسين الطلب: أنه لو طاع باليمين في وثيقة حق لنفعته نيته، وهو أحد قولين، والمعتمد أنها لا تنفعه، وأن العبرة بنية الحالف مطلقًا".
(٥) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ١٨٢). حيث قال: "التورية في الأيمان نافعة، والعبرة فيها بنية الحالف، إلا إذا استحلفه القاضي بغير الطلاق والعتاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>