للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (١)، و"ما" من صيغ العموم (٢) فتشمل كل ما نوى، والنية معتبرة في هذا المقام، لكن أولئك قالوا: أصل اليمين لا تصدر إلا باللفظ. قلنا: نعم، لا تكون إلا بقول اللِّسان لكن ما في القلب يصدقه، وهذا معتبر في هذا المقام في تفعيل المراد.

* قوله: (وَفِي هَذَا البَابِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ، لَكِنَّ هَذِهِ المَسَائِلَ الأَرْبَعَ هِيَ أُصُولُ هَذَا البَابِ، إِذْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الاخْتِلَافِ الوَاقِعِ فِي هَذَا البَابِ رَاجِعًا إِلَى الاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ، وَذَلِكَ فِي الأَكْثَرِ مِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَنْ حَلَفَ أَلَّا يَأكُلَ رُؤوسًا، فَأَكَلَ رُؤوسَ حِيتَانِ، هَل يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ فَمَنْ رَاعَى العُرْفَ قَالَ: لَا يَحْنَث، وَمَنْ رَاعَى دَلَالَةَ اللُّغَةِ قَالَ: يَحْنَثُ، وَمِثْلَ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَنْ حَلَفَ أَلَّا يَأْكُلَ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا، فَمَنِ اعْتَبَرَ دَلَالَةَ اللَّفْظِ الحَقِيقِيِّ، قَالَ: لَا يَحْنَثُ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ اسْمَ الشَّيْءِ قَدْ يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَتَوَلَّدُ مِنْه، قَالَ: يَحْنَثُ) (٣).

أشار المؤلف إلى أن فروع هذا الباب كثيرة، لكن هذه المسائل الأربع هي أصول هذا الباب، ثم ذكر المؤلف بعض الأمثلة التي يقاس عليها غيرها من المسائل.

المثال الأول: لو حلف ألا يأكل رؤوسًا، فأكل رؤوس حيتان، فهل يحنث أم لا؟

ظاهر اللفظ أنه عام، فيشمل كل رأس سواءٌ كان رأس خروف،


(١) أخرجه البخاري (١).
(٢) يُنظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ١٢). حيث قال في (ألفاظ العموم): "القسم الثالث: أدوات الشرط: كـ "مَن" فيمن يعقل، و"ما" فيما لا يعقل، و"أي" في الجميع، و"أين" و"أيان" في المكان، و"متى" في الزمان، ونحوه".
(٣) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>