للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو رأس دجاجة، أو رأس طير، أو رأس سمكة، أو رأس حوت، أو غير ذلك. هذا من جهة اللغة فيحنث بذلك.

أما من جهة العرف فإنه لا يدخل فيه رأس الحيتان، فلا يحنث بذلك، والأحوط أن يأخذ بما دَلَّت عليه اللغة (١).

المثال الثاني: لو حلف ألا يأكل لحمًا فأكل شحمًا، هل يحنث بذلك أم لا؟

ذهب الشافعية (٢) والحنابلة (٣) إلى أنه لا يحنث، واعتبروا في ذلك دلالة اللفظ الحقيقي، أي: أننا إذا أطلقنا لفظ اللحم فإنه لا يدخل فيه الشحم؛ فمن أكل شحمًا لا يقال: إنه قد أكل لحمًا، وكذلك لو عكس


(١) لمذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٥٩). حيث قال: "وإن حلف لا يأكل رأسًا؛ فإن نوى الرؤوس كلها من السمك والغنم وغيرها، فأيّ ذلك أكل حَنث؛ لأن اسم الرأس يقع على الكل، وإن لم يكن له نية فهو على رؤوس الغنم والبقر خاصَّة في قول أبي حنيفة".
لمذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢٠٣١٦)، حيث قال: " (لا يأكل الرؤوس) أو الرأس أو لا يشتريها (ولا نية له - حَنث برؤوس تُباع وحدها)، وهي رؤوس الغنم قطعًا، وكذا الإبل والبقر على الصحيح؛ لأن ذلك هو المتعارف، وإن اختص بعضها ببلد الحالف، (لا) برؤوس (طيرٍ وحُوتٍ وصَيْد) وخَيل، (إلا ببلد تُباع فيه مفردة)؛ لكثرتها واعتياد أهلها، فيحنث بأكلها فيه؛ لأنه كرؤوس الأنعام في حق غيرهم".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٣٦)، حيث قال: " (و) من حلف … لا يأكل رأسًا حنث بأكل كل رأس حيوان من الإبل) والبقر والغنم (والصيود، وبأكل رؤوس طيور و) رءوس (سمك وجراد)؛ لعموم الاسم فيه حقيقة وعرف".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ٢٠٤، ٢٠٥). حيث قال: " (و) يحمل (اللحم) فيمن حلف لا يأكله (على) لحم (نَعَم) من إبل وبقر وغنم، (و) لحم (خيل) … لا (شحم بطن) وشحم عين؛ لمخالفتهما اللحم في الاسم والصفة".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" (٦/ ٢٥٤ - ٢٦٢)، حيث قال: "والاسم اللغوي، وهو الحقيقة أي: اللفظ المستعمل في وضع أول (ما لم يغلب مجازه … ، فإن حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم … ونحوه لم يحنث)؛ لأنه لا يُسَمَّى لحمًا … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>