للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الشافعية (١)، خلافًا للحنابلة (٢)، فعندهم أنه لو حلف ألا يأكل شحمًا فأكل لحمًا حَنث؛ لأنه لا يمكن أن يوجد لحم بدون شحم.

وذهب المالكية (٣)، والحنفية (٤) إلى أنه يحنث؛ لأنه متولد منه؛ لأن اسم الشيء قد يُطلق على ما تولد منه.

كذلك لو حلف ألا يأكل لحمًا فأكل كبدًا أو كرشة أو طحالًا أو رئة، أو قوانص دجاج، فعلى القول الأول أنه لا يحنث؛ لأنه لا يدخل في مُسمَّى اللحم، فاللحم المعروف هو الذي يكون من يد الحيوان، أو


(١) يُنظر: "الأم" للشافعي (٧/ ٨٤). حيث قال: "وإذا حلف أن لا يأكل لحمًا، فأكل شحمًا، أو لا يأكل شحمًا، فأكل لحمًا لم يحنث في واحد منهما؛ لأن كل واحد منهما غير صاحبه".
وما ذكره الشيخ وجه عند الشافعية خلاف المشهور.
وينظر: "بحر المذهب" للروياني (١٠/ ٥٠٥). حيث قال: "لو حلف لا يأكل شحمًا فأكل اللحم أو البياض الذي على اللحم لا يَحنث. وقال أبو حامد: لا يحنث بالألية بلا خلافٍ. وقد ذكرنا وجهًا آخر يحنث؛ لأنه يُسمَّى شحمًا، قال الله تعالى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} فاستثناه من الشحم، ودليلنا: أنه لا يُسمَّى شحمًا، ولهذا لا يُفرد عن اللحم، ولا يُسمَّى بائعه شحامًا، فلم يحنث به، وإنما يحنث بالشحم الذي ينفرد عن اللحم، وهو شحم الكُلية والكرش … ".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٥٤)، حيث قال: "و (لا) يحنث من حلف لا يأكل شحمًا (باللحم الأحمر)؛ لأنه لا يظهر فيه شيء من الشحم".
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٤٤)، حيث قال: " (و) حنث (بالشحم في) حلفه على ترك (اللحم)؛ لأنه جُزء اللحم (لا العكس) بأن حلف لا آكل شحمًا فأكل لحمًا".
(٤) يُنظر: "بدائع الصنائع " للكاساني (٣/ ٥٨)، حيث قال: "ولو أكل أحشاء البطن مثل الكرش والكبد والفؤاد والكلى والرئة والأمعاء والطحال، ذكر الكرخي أنه يحنث في هذا كله إلا في شحم البطن، وهذا الجواب … في زمن أبي حنيفة وفي الموضع الذي يُباع مع اللحم. وأما في البلاد التي لا يباع مع اللحم - أيضًا - فلا يحنث به، فأما شحم البطن فليس بلحم، ولا يتخذ منه ما يتخذ من اللحم، ولا يباع مع اللحم أيضًا، فإن نواه يحنث؛ لأنه شَدَّد على نفسه، وكذلك الألية لا يحنث بأكلها؛ لأنها ليست بلحم، فإن أكل شحم الظهر أو ما هو على اللحم حنث؛ لأنه لحم لكنه لحم سمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>