للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعميم الطبيعي من المطر؛ لأنَّ المهم هو وُصُولُ الماء، وقد حدث هذا، وسيأتي أيضًا أن الجمهور الذين لا يشترطون الدلك، ولكن يشترطون أن يصل الماء في غسل الجنابة إلى البشرة بعَكْس ما يتعلَّق بالوضوء، فإنَّه يمسح رأسه فقط؛ لأن المقصودَ هو مسح الشعر كمَا ورد في أحاديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - التي حَكَتْ لنا الصِّفة؛ لأنَّ المطلوب هنا هو التعميم، إذًا لا بد أن يصل المَاءُ إلى البشرة دون اشتراط التدليك.

فهَذِهِ هي المسألة التي سيدخل فيها المؤلف تفصيلًا، وَسَترون أن المالكية قد انفردوا في أمر الدلك، ووافقهم من الشافعية الإمام المزني (١)، والإمام المزني هو إمامٌ معروفٌ في مذهب الشافعية، له شهرته وقيمته، وهو صاحب المختصر المعروف "مختصر المزني" (٢)، وهذا المختصر له


= في مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (١/ ١٢٣) حيث قال: " (ومن السنن: الدلك) أي: بإمرار اليد ونحوها على الأعضاء المغسولة".
وفي مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٤٣) حيث قال: " (ومنها إمرار اليد على الأعضاء) بعد إفاضة الماء عليها استظهارًا وخروجًا من خلاف من أوجبه".
وفي مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٨٥)، حيث قال: " (ويدلكه)، أي: جسده استحبابًا، ليصل الماء إليه، وليس بواجب".
(١) لم أجده في مختصر المزني، وإنما عزاه إليه كثير من الشافعية الثقات كالنووي في "المجموع" (١/ ٣٨٢)، حيث قال: "لا يجب إمرار اليد على الوجه، ولا غيره من الأعضاء؛ لا في الوضوء، ولا في الغسل، لكن يستحب، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال مالك: والمزني يجب".
(٢) مختصر المزني أحد أهم كتب الشافعية، وكان أصلًا لسلسلة مصنفات الشافعية التي بدأت به، وانتهت بكتب الإمام النووي مرورًا بإمام الحرمين والغزالي والرافعي، قال عنه الماوردي في "الحاوي" (١/ ٧). "لما كان أصحاب الشافعي - رضي الله عنه - قد اقتصروا على مختصر أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني -رحمه الله -؛ لانتشار الكتب المبسوطة عن فهم المتعلم، واستطالة مراجعتها على العالم حتى جعلوا المختصر أصلًا يمكنهم تقريبه على المبتدئ، واستيفاؤه للمنتهي، وجب صرف العناية إليه وإيقاع الاهتمام به".

<<  <  ج: ص:  >  >>