للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدة شروح يأتي في مقدمتها كتاب "الحاوي"، الكتاب العظيم للإمام الماوردي الذي طُبعَ في عدة مجلدات (١).

قوله: (فِي طَهَارَةِ أَعْضَاءِ الوُضُوءِ، أَمْ يَكْفِي فِيهَا إِفَاضَةُ المَاءِ عَلَى جَمِيعِ الجَسَدِ).

سَبَق أن ضَرَبنا المثل بماء المطر، وتَبيَّنت وجه الفرق بين القائل بالتدليك والقائل بإجزاء الإفاضة فقط، والآن نضرب مثلًا آخر:

نجد الآن ما يُسمَّى بـ "الدُّش"، الذي هو المحبس، يأتي الإنسان فيقف تحته مغتسلًا، فهل يجب عليه مع هذا التعميم إمرار وتدليك أم يجزئه إفاضة المحبس الطبيعية المعممة؟ على أن هناك مسألةً مسكوتًا عنها من جانب المؤلف، وهي من الأهمية بمكان، ألا وهي الوضوء، فهل الوضوء شرطٌ في غُسْل الجنابة أم لا؟

جَمَاهير العلماء يذهبون إلى أن الوضوء غير وَاجِبٍ في غسل الجنابة، وقد فهم بعض النَّاس أنَّ الوُضُوءَ متعينٌ، وأنه رَأي جمهور العلماء، والصَّحيح أن جماهيرَ العلماء - ومنهم الأئمَّة الأربعة كلهم - مُتَّفِقُونَ على أن الوضوء غير وَاجِبٍ على المغتسل (٢)، وإنما نقل الإيجاب


(١) كتاب "الحاوي الكبير" للإمام الماوردي، من موسوعات كتب المذهب الشافعي، وقد شرح فيه الماوردي كتاب "مختصر المزني"، وَقَد استفاض في شرحه تأصيلًا وتفريعًا مبينًا الأقوال والوجوه، موضحًا الراجح منها والمعتمد، مناقشًا للأدلة ووجوه الاستدلال مع التعرض للخلاف بين الشافعية وغيرهم، مرجحًا للقول الراجح مع ذكر الدليل.
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٢)، حيث قال: " "وسنة الغسل: أن يبدأ المغتسل يديه وفرجه ويزيل النجاسة إن كانت على بدنه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة".
وفي مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ١٣٥)، حيث قال: "ثم شرع في بيان مندوباته بقوله … (ثم) يندب بدء بـ (أعضاء وضوئه كاملة) ".
وفي مذهب الشادعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢١٩) حيث قال: " (وأكمله) أي: الغسل (إزالة القذر) بالمعجمة؛ طاهرًا كان كالمني أو نجسًا كودي =

<<  <  ج: ص:  >  >>