للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عَالِمَيْنِ مَعْروفَيْنِ؛ أحدهما: داود الظاهري، والآخر أبو ثورٍ من الشَّافعيَّة (١)، وبعضهم يَقُول: إنه إمام مستقل، وهو معروفٌ.

إذًا، جماهير العلماء يَقُولون بعدم وجوب الوضوء على المغتسل، ولماذا اختلفوا في هذه المسألة؟

في حديثي عائشة وميمونة - رضي الله عنهما - أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - توضَّأ، حيث غسل يديه ثلاثًا، ثم غسل موضع الأذى، وبعد ذَلكَ توضَّأ، ثم أفاض الماء على رأسه … إلى آخر ما وَرَد في ذينك (٢) الحديثين (٣).

إذن، وَرَد الوضوء في هذين الحديثين، فداود الظاهري وأبو ثور تمسَّكا بظاهر الحديثين، وقالا بوجوب الوضوء على كل مغتسلٍ من جنابةٍ أو حيضٍ، أو بمعنى آخر أوجبا الوضوء على كل مغتسلٍ من حدثٍ أكبر.

وقَدْ خَالَفهما جماهير العلماء في ذلك، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

*حَديث مَيْمونة عندما سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتنقض ضفائرها من غسل الجنابة؟ فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: "إنما يَكْفيكِ أن


= استظهارًا، وإن قلنا: يكفي لهما غسلة واحدة (ثم) بعد إزالة القذر (الوضوء) كاملًا". وفي مذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (١/ ١٧٩)، حيث قال: " (ثم يتوضأ كاملًا)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم يتوضأ وضوءه للصلاة"، (ويروي) - بتشديد الواو- (رأسه)، أي: أصول شعره، (ثلاثًا)، يحثي الماء عليه ثلاث حثيات".
(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (٢/ ١٩٧)، حيث قال: "والوضوء لم يكن أوجبه أحد، وإنما حدث خلاف أبي ثور وداود بعده"، وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٦٠)، ولَمْ أَجد في "المحلى" ما يبين قول داود.
وقَالَ ابْن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (١/ ٢٤٥): "ومَنْ حكى عن أبي ثورٍ وداود: أن الحدث الأكْبَر لا يرتفع بدون الوضوء مع الغسل، فالظاهر: أنه غالط عليهما، وقد حكى ابن جرير وابن عبد البر وغيرهما الإجماع على خلاف ذلك".
(٢) يُنظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ١١١) حيث قال: "ولا تدخل الكاف على ذي للمؤنث … وتقول في التثنية: "ذانك" في الرفع و"ذينك" في النصب والجر".
(٣) سيأتي ذكرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>