للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَطْ؟ أَوْ بِالإِسْلَامِ؟ إِذْ كَانَ السَّمْعُ قَدْ أَنْبَأَ أَنَّهُ يُثَابُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الفَقِيرِ الغَيْرِ المُسْلِمِ).

والمقصود: ما وجه استيجاب هذه الصدقة التي يجب على المُكفِّر أن يُخرجها هل هو الفقر فقط أو به وبالإسلام؟

فإن قلنا بالفقر، فلا فرق إذًا بين المسلم وغيره، وإن قلنا به وبالإسلام، فهذا يُخص به أهل الإسلام.

قوله: (إِذْ كَانَ السَّمْعُ قَدْ أَنْبَأَ أَنهُ يُثَابُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الفَقِيرِ الغَيْرِ المُسْلِم): هذا كلام مجمل، والمقصود: أنه قد ثبت ذلك عن طريق السمع، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}، ثم قال في آخر الآية: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٢]، وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالكفارة لأهل الإسلام، حتى نزلت هذه الآية التي ذكرناها: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}، ثم قال في آخر الآية: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سأله أحدٌ فليُعطه مِن أيِّ دين كان" (١)، فهذا السمع الذي أشار إليه المؤلف.

وفي "الصحيحين" عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - أنَّ أمها قَدِمت إليها وهي مُشركة، فذكرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أُمَّها قد قدمت وهي مشركة، وأنها راغبة وسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل لها أن تَصِلَها، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "صِلِي أُمَّك" (٢)، فأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصلتها مع كونها مشركة غير مسلمة ومع ذلك نجد أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِصِلَتها.

وفي الحديث المتفق عليه: "في كُلِّ ذاتِ كبدٍ رَطبة أَجر" (٣)، أي:


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٢١)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (٢٧٦٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٢٠)، ومسلم (١٠٠٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٦٣)، ومسلم (٢٢٤٤)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>