للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سيده، فلا يلزم الإنفاق عليه، واختلفوا في المكاتب (١)؛ فأجاز بعضهم أن يُعطى منها، وبعضهم منع؛ فقد جاء ذكر المملوك ضمن أهل الزكاة، كما في قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠]، والمقصود: الحض على الإعتاق، ومع ذلك فإنه لا ذِكر له في كفارة اليمين؛ لأن المقصود منها سَدُّ حاجة المسكين في يومه وليلته، لكن هذا يحتاج إلى فك رقبته، فلا يُؤثر مع هذا القليل، ثم إن هذه قُصد بها الإطعام كما جاء في الآية، وتلك قُصد بها معنى آخر، فلا يدخل في ذلك العبد ولا حتى المكاتب، كما أن المكاتب الذي إذا لم يَستطع أن يؤدي ما كاتَبَ عليه، فإنه يعود حينئذٍ إلى سَيِّده فيُنفق عليه، ولذا اشترط أن يكون حرًّا.

وأما أبو حنيفة رحمه الله فلم يشترطهما، أي: الحرية والإسلام.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ اسْتِيجَابُ الصَّدَقَةِ هُوَ بِالفَقْرِ


(١) لا يجزئ دفعها لمكاتب عند المالكية والشافعية، خلافًا للحنفية والحنابلة.
ولمذهب الحنفية، يُنظر: "التجريد" للقدوري (١٠/ ٥١٤٢) حيث قال: "قال أصحابنا: يجوز دفع الكفارات إلى المكاتب، وقال الشافعي: لا يجوز، لنا: قوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} ولم يُفَصِّل، ولأنها صدقة واجبة، فجاز دفعها إلى المكاتب كالزكاة".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "شرح الخرشي" (٨٥٣)، حيث قال: "وأما العدد فلا بد منه، والمراد بالمساكين: المحتاجون، وأخرج الغني والرقيق؛ لغناه بسيده وإن بشائبة؛ لأنه - وإن لم يمكنه بيعهم - فمأمور بالنفقة عليهم، أو بتنجيز عتقهم، فيصيرون من أهلها". ويُنظر: "منح الجليل" للمواق (٥/ ٤٥٠)، حيث قال: "ومصرفه ستون مسكينًا، كاليمين بالله؛ (أحرارًا مسلمين)، قال مالك: لا يجزئ أن يطعم في الكفارات كلها إلا حرًّا مسلمًا مسكينًا".
ولمذهب الشافعية، يُنظر. "مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ٥٠). حيث قال: " (لا) … (كافرًا) ولو ذميًّا (ولا هاشميًّا، و) لا (مطلبيًّا)، ومَن تلزمه نفقته كزوجته وقريبه، ولا إلى مَكفي بنفقة قريب أو زوج، ولا إلى عبدٍ ومكاتب؛ لأنها حق لله تعالى، فاعتبر فيها صفات الزكاة".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٥/ ٥٢٨). حيث قال: " (و) يجزئ دفعها (لمكاتب)؛ لأنه يأخذ من الزكاة ما يحتاج إليه أشبه الحر المسكين".

<<  <  ج: ص:  >  >>