للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونَ سَلِيمَةً مِنَ العُيُوبِ؟ فَإِنَّ فُقَهَاءَ الأَمْصَارِ شَرَطُوا ذَلِكَ (١)، أَعْنِي: العُيُوبَ المُؤَثِّرَةَ فِي الأَثْمَان. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٢): لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الوَاجِبُ الأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الاسْم، أَوْ بِأَتَمِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؟).

اشترط أهل العلم - من حيث الجملة - في الرقبة التي تجزئ في العتق ثلاثة شروط:

أولها: أن تكون مُؤمنة. وفيه خلاف (٣).

والثاني: أن تكون قد صَلَّت وصامت، أي: بلغت سنن التمييز، وهو سنن السابعة غالبًا، وأكثر الفقهاء على عدم اعتبار هذا الشرط؛ لأن المقصود بالإيمان هنا: إنما هو الإسلام؛ لما جاء في حديث معاوية بن الحكم أنه أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجاربة فسألها: "أينَ اللهُ؟ ". قالت: في السَّماء، قال: "مَنْ أَنا؟ ". قالت: أنتَ رسول الله، قال: "أَعْتِقها فإنَّها مؤمنة" (٤)، فحَكَم لها بالإيمان وهي جارية صغيرة.

والثالث: أن لا تكون مَعيبة، كأن يكون هرمًا، أو يكون مريضًا


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٣٧٣). حيث قال: "وأجمع كلُّ مَن يُحفظ عنه من أهل العلم على أن مَن وَجَبت عليه كفارة يمين فاعتق عنها رقبة مؤمنة لا تجزئ إذا كان أعمى أو مُقعدًا، أو مقطوع اليدين، أو أشلهما، أو الرِّجْلَين". وسيأتي مفصلًا في المسألة السابعة.
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٣٣٨). حيث قال: "ويجزئ في العتق في كل ذلك: الكافر، والمؤمن، والصغير، والكبير، والمَعيب، والسَّالم، والذَّكر، والأنثى، وولد الزنا، والمخدم، والمؤاجر، والمرهون، وأم الولد، والمدبرة، والمدبر، والمنذور عتقه، والمعتق إلى أجل، والمكاتب ما لم يُؤَدِّ شيئًا، فإن كان أدى من كتابته ما قَلَّ أو كثر لم يَجز في ذلك، ولا يجزئ مَن يعتق على المرء بحكم واجب، ولا نصفا رقبتين".
(٣) سيأتي مفصلًا.
(٤) أخرجه مسلم (٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>