للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرْتَفِعُ الحِنْثُ إِلَّا بِالتَّكْفِيرِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الحِنْثِ لَا قَبْلَهُ (١)، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ القَوْلَانِ جَمِيعًا) (٢).

من المعلوم أن الحالف بالله أو باسم من أسمائه أو بصفةٍ من صفاته؛ فإنه إما أن يَبَرَّ بيمينه هذه (٣)، وإما أن يَحْنَثَ فيها ولا يفي بها (٤)، وحينئذٍ تَلزَمُه كفارةُ الحنث في اليمين.

والمؤلف هاهنا يَتناوَل كفارةَ الحنث في اليمين؛ فالعلماء يختلفون في أداء كفارة الحنث، فيما إذا كان يجوز أداؤها قبل الحنث أم أنه لا بد من أدائها بعد الحنث فقط على النحو التالي:

القول الأول: وهو جواز التكفير قبل الحنث، وعليه أكثر أهل العلم متن الشافعية (٥)، والحنابلة (٦)، وكذلك المالكية في إحدى الروايتين (٧)؛


(١) سيأتي.
(٢) سيأتي.
(٣) يقال: أبررتُ اليمينَ، إذا لم تخالفْها وأمضيتَها على ما خرجتْ عليه. انظر: "مطالع الأنوار على صحاح الآثار"، لابن قرقول (١/ ٤٧٣).
(٤) الحِنْثُ في اليمين نَقضُها. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر"، لابن الأثير (١/ ٤٤٩).
(٥) يُنظر: "تحفة المحتاج"، لابن حجر الهيتمي (١٠/ ١٤/ ١٥)؛ حيث قال: " (وله)؛ أي: الحالف بعد اليمين (تقديم كفارة بغير صوم على حنث جائز)؛ أي: غير حرام، ليشمل الأقسام الخمسة الباقية للخبر الصحيح: "فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير"؛ لأن سبب وجوبها اليمين والحنث جميعًا، والتقديم على أحد السببين جائز كما مر آخر الزكاة، نعم الأولى تأخيرها عنهما خروجًا من الخلاف".
(٦) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٣٧٤)؛ حيث قال: " (وتقديم الكفارة قبل الوجوب تعجيل لها قبل وجوبها لوجود سببها) وهو الظهار (كتعجيل الزكاة قبل الحلول بعد كمال النصاب) وكتقديم كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث".
وقال البهوتي أيضًا (٦/ ٢٤٣): " (وإن شاء) الحالف (كفر قبل الحنث فتكون) الكفارة (محللة لليمين وإن شاء) كفر (بعده)؛ أي: الحنث (فتكون مكفرة) ".
(٧) يُنظر: "التهذيب في اختصار المدونة"، للبراذعي (٢/ ١٠٣)؛ حيث قال: "واستحب =

<<  <  ج: ص:  >  >>