للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَافِعَةٌ لِلْحِنْثِ إِذا وَقَعَ، أَوْ مَانِعَةٌ لَهُ؟ فَمَنْ قَالَ: مَانِعَةٌ، أَجَازَ تَقْدِيمَهَا عَلى الحِنْثِ، وَمنْ قَالَ: رَافِعَةٌ، لَمْ يُجِزْهَا إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ) (١).

فهاهنا يعود المؤلف للتعليل الذي ذَكَرَهُ قبل ذلك، وهو تَأَرْجُحُ الكفارة بين أن تكون مانعةً للحنث أو رافعةً له.

* قوله: (وَأَمَّا تَعَدُّدُ الكَفَّارَاتِ بِتَعَدُّدِ الأَيْمَانِ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا - فِيمَا عَلِمْتُ - أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى أُمُورٍ شَتَّى بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ كفَّارَتَهُ كفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ).

والمؤلف هاهنا سيتناول مسائلَ متعددةً، وهذه المسائل مما تحتاج إلى دِقَّةٍ في التناول والتصوير، ولكن تناوُلَه لإحدى هذه المسائل شَابَهُ غموضٌ فصار مراده منها غير واضحٍ.

وبيان هذه المسائل كالتالي:

المسألة الأولى: إذا حَلَفَ يمينًا واحدةً على أشياءَ متعددةٍ، كأن يقول: (والله ما أكلتُ ولا شربتُ ولا لبستُ).

فهاهنا اتَّفَقَ أهل العلم على أنه لا تلزمه إلا كفارةٌ واحدةٌ، ولا خلافَ في ذلك.

المسألة الثانية: إذا حَلَفَ أيمانًا متعددةً على أشياءَ متعددةٍ، كأن يقول: (والله ما أكلت، والله ما شربتُ، والله ما لبستُ).


(١) الذين جعلوا الكفاراة رافعة للحنث اعتبروها بمنزلة التوبة منه.
قال السرخسي في "المبسوط" (٨/ ١٤٨، ١٤٩): "الكفارة توبة، كما قال الله تعالى في كفارة القتل: {تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ}، والتوبة قبل الذنب لا تكون، وهو في عقد اليمين معظم حرمة اسم الله تعالى؛ فأما الذنب في هتك حرمة اسم الله تعالى، فالتكفير قبل الحنث بمنزلة الطهارة قبل الحدث بخلاف كفارة القتل، فإنه جزاء جنايته، وجنايته في الجرح؛ إذ لا صنع له في زهوق الروح، وبخلاف الزكاة؛ لأنه شكر النعمة، والنعمة المال دون مضي الحول".

<<  <  ج: ص:  >  >>