للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَن بَنَى الحُكْمَ على صيغة القول وأنها تَكرارٌ من أجل التأكيد حَمَلَها على أنها يمينٌ واحدةٌ تَلزَمُها كفارةٌ واحدةٌ.

وَمَن بَنَاهُ على تَعَدُّدِ الصِّفاتِ الواردة في اليمين رأى فيها كفاراتٍ بِعَدَدِ الصفات الواردة؛ لأن كل صفةٍ منها لو استقلَّت في يمينٍ لَلَزِمَتْها كفارةٌ مُستقِلَّةٌ.

والحقيقة: أن هذا يخضَع لقاعدةٍ فقهية، وهي: (أنه إذا اجتمَعَ أمران من جِنسٍ واحدٍ ولم يختلف مقصودهما دَخَلَ أحدُهما في الآخر تَبَعًا)، فكثيرٌ من أحكام الشريعة تتداخل، وهو ما يُعرَف بِتَدَاخُل العبادات (١).

ومثال ذلك: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" (٢). لكن إذا جاءَ أحدُهم وَوَجَدَ الصلاةَ قد أُقِيمَت فإن صلاة الفريضة تكفيه حينئذٍ عن تحية المسجد.

ومثاله كذلك: لو أن أحدهم جاء إلى المسجد وكان الإمام قد كَبَّرَ للركوع، فإنه حينئذٍ يُكبِّر تكبيرةَ الإحرام وتَدخُلُ فيها حينئذٍ تكبيرة الركوع، ولا يجوز أن يُكَبِّرَ تكبيرةَ الركوع وينوي تكبيرةَ الإحرام فيها؛ لأن تكبيرة الإحرام رُكْنٌ، أما تكبيرة الركوع فهي واجبةٌ أو سُنَّةٌ عند البعض.

* قوله: (وَهَذَا القَدْرُ كافٍ فِي قَوَاعِدِ هَذَا الكِتَابِ وَسَبَبِ الاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ المُعِينُ بِرَحْمَتِهِ).

ويشير المؤلِّفُ هاهنا إلى أن ما ذَكَرَه من القواعد والمسائل في هذا الكتاب كافٍ لِلدَّارِسِ.

* * *


(١) سبق بيان هذه القاعدة وتفصيلها.
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٤)، ومسلم (٧١٤) عن أبي قتادة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>