للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب أكثر العلماء كالشافعية (١)، والحنابلة (٢): أنها يمينٌ واحدةٌ تَلزَمُها كفارةٌ واحدةٌ، هذا إذا أرادَ الكلامَ الأوَّلَ فيُحمَل حينئذٍ على أنه قولٌ واحدٌ ويمينٌ واحدةٌ، أما إذا لَم يُرِد ذلكَ فكفاراتٌ متعددةٌ.

* قول: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ مُرَاعَاةُ الوَاحِدَةِ أَوِ الكَثْرَةِ فِي اليَمِينِ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى صِيغَةِ القَوْلِ، أَوْ إِلَى تَعَدُّدِ الأَشْيَاءِ الَّتِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا القَوْلُ الَّذِي مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ يَمِينٍ؟ فَمَنِ اعْتَبَرَ الصِّيغَةَ قَالَ: كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (٣)، وَمَنِ اعْتَبَرَ عَدَدَ مَا تَضَمَّنَتْهُ صِيغَةُ القَوْلِ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يُقْسَمَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهِ قَالَ: الكَفَّارَةُ مُتَعَدِّدَةٌ بِتَعَدُّدِهَا) (٤).


(١) يُنظر: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (٤/ ٢٤٥)؛ حيث قال: " (فإن نوى اليمين بالكل انعقدت) يمين (واحدة والجمع) بين الألفاظ (تأكيد) كقوله: والله الرحمن الرحيم؛ فلا يتعلَّق بالحنث فيها إلا كفارة واحدة ولو نوى بكل لفظ يمينًا كان يمينًا ولم يلزمه إلا كفارة واحدة، كما لو حلف على الفعل الواحد مرارًا ونوى بكل مرة يمينًا صرح به الأصل". ويُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (١٥/ ٢٨٠).
(٢) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٦/ ٢٤٤)؛ حيث قال: " (ومن كرر يمينًا موجبها واحد على فعل واحد كقوله: والله لا أكلت والله لا أكلت) فكفارة واحدة؛ لأن سببها واحد، والظاهر أنه أراد التأكيد، (أو حلف أيمانًا كفارتها واحدة كقوله: والله وعهد الله وميثاقه وكلامه) لأفعلن كذا فكفارة واحدة لأنها يمين واحدة".
(٣) يُنظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي"، للعمراني (١٠/ ٥٠١)؛ حيث قال: "ودليلنا: أن الجمع بين هذه الألفاظ تأكيد لليمين، واليمين واحدة، فهو كقوله: والله الطالب، الغالب، المهلك، المدرك".
ويُنظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٧/ ٩٧)؛ حيث قال: "إن حلف بالله، وبالرب، وبالرحمن، وبعهد الله وميثاقه. ونحو ذلك على شيء واحد، فكفارة واحدة؛ لأن ذلك يمين واحدة، وإنما ذلك تأكيد ومبالغة في الحلف، فهو كما لو قال: والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الطالب الغالب. إلى غير ذلك من تعداد الصفات".
(٤) قال القاضي عبد الوهاب: "دليلنا: أن كل واحدٍ من هذه الصفات إذا انفرد كان يمينًا، فإذا جمعها وفصل بينها بواو القسم كانت أيمانًا، كقوله: والله الرحمن الرحيم، إلا أن يريد التأكيد". يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (٢/ ٨٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>