للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أنه مكروهٌ كراهةَ تنزيهٍ لا كراهةَ تحريمٍ (١).

القول الثالث: أنه مباحٌ (٢)، وهو ما نقول به؛ لأن الله سبحانه وتعالى أَثنَى على الذين يوفون بنذورهم، فقال سبحانه وتعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧)} [الإنسان: ٧]، فجاء ذلك في مَقام المدح (٣).


(١) ينظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (٦/ ٢٧٣)؛ حيث قال: " (وهو)؛ أي: النذر بالمعنى المصدري (مكروه ولو عبادة) لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عنه، وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل". متفق عليه، والنهي عنه لكراهته لأنه لو كان حرامًا لما مدح الموفين به؛ لأن ذمهم بارتكاب المحرم أشد من طاعتهم في وفائه، ولو كان مُستحبًّا لفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، (لا يأتي)؛ أي: النذر (بخير) للخبر (ولا يرد قضاء) ولا يملك به شيئًا محدثًا. قاله ابن حامد".
(٢) لعله يقصد بالإباحة هنا الاستحباب؛ لأن هذا هو الذي يفهم من آية الوفاء بالنذر.
(٣) في مذهب الأحناف أن النذر المنجز قربة بخلاف النذر المعلق، يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (٢/ ٢١)؛ حيث قال في حديث النذر: " … وإنما يستخرج به من البخيل، والمتبادر منه إرادة النذر المعلَّق، كإن شفى الله مريضي فللَّه عليَّ كذا. ووجه النهي: أنه لم يخلص من شائبة العوض؛ حيث جعل القربة في مقابلة الشفاء ولم تسمح نفسه بها بدون المعلَّق عليه مع ما فيه من إيهام اعتقاد التأثير للنذر في حصول الشفاء … بخلاف النذر المنجز فإنه تبرع محض بالقربة لله تعالى وإلزام للنفس بما عساها لا تفعله بدونه فيكون قربة".
مذهب المالكية أن النذر على ثلاثة أقسام، يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١٣٧٣)؛ حيث قال: "فالنذر على مذهب مالك ينقسم ثلاثة أقسام:
نذر مستحب: وهو النذر المطلق الذي يوجبه الرجل على نفسه شكرًا لله على ما كان ومضى.
ونذر جائر: وهو النذر المقيد بشرط يأتي.
ونذر مكروه: وهو المؤقت الذي يتكرر مع مرور الأيام؛ فقد كرهه في "المدونة" لشدته مخافة التفريط في الوفاء به، والله أعلم". ويُنظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٣/ ٣١٩).
في مذهب الشافعية، قولان يدوران بين الكراهة والاستحباب. والأكثرون على أنه قربة.
يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٦/ ٢٣١)؛ حيث قال: "تنبيه: اختلفوا هل النذر مكروه أو قربة؟ نقل الأول عن النص، وجزم به المصنف في مجموعه لخبر "الصحيحين": أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه وقال: "إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من =

<<  <  ج: ص:  >  >>