للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولَ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فعَلَيَّ نَذْرٌ كَذَا وَكذَا، وَرُبَّمَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَعَلَيَّ نَذْرٌ كَذَا، وَهَذَا هوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الفُقَهَاءُ أَيْمَانًا) (١).

أي: أن هذا النذر المُعَلَّقَ ربما عَلَّقَهُ النَّاذِرُ بفعلٍ من الأفعال التي لا تَصدُرُ إلا عن الله كالشفاء والعز والرزق، ومثل هذه الأمور التي لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يَرفَع ويَخفضُ ويذل ويعز، كما قال تعالى سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].

وربما عَلَّقَهُ بفعلٍ من الأفعال العادية كَفِعلِ نفسِهِ، كأن يقولَ: (إن فعلتُ كذا فعَلَيَّ نَذْرٌ كذا وكذا).

فهذه النذور المتعلقة بفِعل الإنسان يُسَمِّيها الفقهاء أَيْمَانًا (٢)، بخلاف النذور المتعلقة بفِعل الله - سبحانه وتعالى -؛ فالتفرقة بين الأمرين إنما هو من كمال العقيدة.

* قوله: (وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَيمَانٍ).


(١) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة"، لابن يونس (٦/ ٣١٤)؛ حيث قال: "ومن المدونة قال مالك: ومن قال: إن فعلت كذا فعليَّ هدي فحنث؛ فإن نوى شيئًا فهو ما نوى، وإلا فعليه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد وقصرت نفقته؛ رجوت أن تجزي عنه شاة، وكان مالك يزحف بالشاة كرهًا، وقال: البقر أقرب شيء إلى الإبل. وقال مالك في كتاب الحج: من قال لله على هدي فالشاة تجزيه. م: قيل: الفرق بين المسألتين أن هذه يمين، والتي في كتاب الحج بغير يمين؛ فلذلك كانت أخف".
(٢) قال ابن رشد الجد: "وأما إن قيد ما أوجب على نفسه من ذلك بشرط من فعل يقدر على فعله وتركه، مثل أن يقول: إن فعلت كذا وكذا أو إن لم أفعل كذا وكذا فعليَّ كذا وكذا فليس بنذر وإنما هي يمين مكروهة، لقول رسول - صلى الله عليه وسلم -: "من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت"، إلا أنها لازمة عند مالك فيما يلزم فيه النذر من الطاعات". "المقدمات الممهدات" (١/ ٤٠٥). يُنظر: "التاج والإكليل"، للمواق (٤/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>