للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ فِيهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاسْمُ مِنَ القُرَبِ: صيَامُ يَوْمٍ، أَوْ صَلَاةُ رَكعَتَيْنِ).

فلدينا إِذَنْ في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

القول الأول: وهو قول جمهور أهل العلم، أن في ذلك كفارةَ يمينٍ لا غير، وهو مذهب الأئمة الأربعة فيما عدا الشافعية الذين خالَفوا في هذا وقالوا: لا كَفَّارَةَ في النذر المُطلَق، إذ النذر المطلَق لا يَترَتَّب عليه حُكْمٌ مِن الأحكام عندهم، بسبب عدم ذِكر المنذور (١)، واستثنى الشافعية من هذا ما لو كان النذر مُقَيَّدًا بوصفٍ، كأن يقول الناذرُ: (لله عليَّ نَذْرٌ صَلَاةٌ) أو: (صِيَامٌ) أو: (صَدَقَةٌ)، فقالوا: حينئذٍ نرجع إلى أقل ما يَنطَلِق عليه اسم القُربة التي نَذَرَها (٢).

القول الثاني: أنَّ فيه كفارةَ ظِهارٍ، وهو قولٌ بعيدٌ عن الصحة؛ ولذلك لم يُسَمِّ المؤلِّفُ أصحاب هذا القول.

القول الثالث: أن فيه أقل ما ينطلق عليه اسم القربة، بمعنى أنه لو نذرَ أن يصلِّيَ ولم يُعيِّنْ عدد ركعات هذه الصلاة فحينئذٍ يكون عليه صلاة ركعتين؛ لأنه أقل ما ينطلق عليه اسم الصلاة، ولو نَذَرَ أن يصومَ ولم يُعَيِّن عدد أيام الصيام فحينئذٍ يكون عليه صيام يومٍ، لأنه أقل الصيام، حيث لا يُشرَعُ صيام جُزء من اليوم أو صيام ساعةٍ (٣)، لقوله تعالى: {وَكُلُوا


(١) سبق تفصيل المذاهب في هذه المسألة.
(٢) يُنظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (٢/ ٢٥٦)، حيث قال: " (أو) نذر (صومًا) مطلقًا أو مقيدًا؛ بنحو: دهر كحين: (فيوم) يحمل عليه؛ لأنه أقل ما يفرد بالصوم، (أو أيامًا)؛ أي: صومها (فثلاثة)، لأنها أقل الجمع (أو) نذر (صدقة فبمتمول) يتصدق به وإن قلَّ، وكذا لو نذر التصدق بمال عظيم؛ لأن الصدقة الواجبة لا تنحصر في قدر؛ لأن الخلطاء قد يشتركون في نصاب فيجب على أحدهم شيء قليل وتعبيري بمتمول أولى من قوله فيما كان؛ إذ لا يكفي بما لا يتمول (أو) نذر (صلاة فركعتان) تكفيان؛ لأنهما أقل واجب منها".
(٣) وهو مذهب الشافعية كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>