جسده، فلا يقال لمَنْ نزل عليه المطر أو جلس تحت الميزاب أو صب عليه الماء: إنه مغتسل، إنما يقال: المغتسل لمَنْ دلك أعضاءه، فقالوا:{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}، فكلمة {تَغْتَسِلُوا}، تدل على الدلك، وإذا لم يتم فلم يكمل الطهر.
الدليل الآخر: قياس الغسل (الدلك) على التيمم، ففي التيمم يضرب الإنسان بيديه على الصعيد فيمسح وجهه ويديه، وهو بذلك قد أَمَرَّ اليدين على موضع الطهر، قالوا: فهي طهارةٌ تقاس على طهارة.
وقَدْ ردَّ الجمهورُ عليهم في هذه المسألة، وقالوا: يُقَال لمَنْ غسل الإناء دون أن يُمِرَّ يديه عليه، ألَا يُقَال بأنه غسله؟ بلى، وقالوا بالنسبة للقياس على التيمم: قياس مع الفارق، نعم هذه طهارةٌ من حَدَثٍ، وهذه طهارةٌ من حَدَثٍ، لكن يوجد فارق بينهما، هذه طهارةٌ بالماء، وتلك طهارةٌ بالتراب، وهذه طهارةٌ بالغَسْل، وتلك طهارةٌ بالمسح، والمسحُ يتطلَّب أن تأتي اليد، فَتَقع على البدن في ذلك بخلاف الغسل.
يقصد بالثابتة حديث عائشة وحديث ميمونة، وغيرهما من الأحاديث (١).
قوله:(عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ حَدِيتِ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ التَّدَلُّكِ)، في الحديثين تفصيلٌ، حَيْث ورَد فيهما الوضوء، وهو متمسك القائلين بوجوبه، أما حديث أم سلمة، فقد جاء مجملًا؛ لأنها سألت عن مسألة بعينها (نقض الضفائر)، ولذلك قال العلماء: حديث أم سلمة إنما اقتصر على الواجبات المتعلقة بالغَسل.