للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما كان في قصة أخت عقبة بن عامر التي نَذَرَت المشي إلى بيت الله، وستأتي القصة معنا (١).

وقد كان العلماء فيما مضى يسافرون في كثير من أسفارهم راجِلِين إلى أماكن بعيدةٍ جدًّا كي يلتقي الواحد منهم بعالِمٍ من العلماء، فيَقطَع المسافات البعيدة جدًّا ويتخطَّى السهلَ والوَعرَ (٢) ويقابل الوحوشَ والشدائدَ، كل هذا كي يلتقي بعالِمٍ يَطلُب على يديه العلم أو يسمع منه حديثًا يحفظه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَشية أن يموت ذلك العالِمُ فيضيع معه ما يحفظه من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ح فيتحمل في سبيل ذلك كل هذه الصعاب، لأنه يعلم أن من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سَهَّلَ الله له به طريقًا إلى الجنة.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا عَجَزَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ).

وهذه مسألة متفرعة عن المسألة السابقة.

ومراد المؤلِّف منها: ما إذا نَذَرَ إنسان أن يمشيَ إلى بيت الله الحرام، ومَضَى في الوفاء بهذا النذر، ثم في أثناء الطريق لَحِقَهُ مِن المَشَقَّة ما عَجَزَ معه عن إكمال السَّيْرِ.

والقاعدة الفقهية هاهنا تقول: "إذا ضَاقَ الأمْرُ اتَّسَعَ، وإذا اتَّسَعَ ضَاقَ" (٣).


= أوجبنا المشي فركب لعذر أجزأه وعليه دم في الأظهر، أو بلا عذر أجزأه على المشهور وعليه دم".
ويُنظر في مذهب الحنابلة: "الإقناع"، للحجاوي (٤/ ٣٦٢)؛ حيث قال: "فإن ترك المشي المنذور أو الركوب المنذور لعجز أو غيره فكفارة يمين".
وفي رواية: أنه يلزمه دم، يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ١٣)؛ حيت قال: "وعن أحمد رواية أُخرى: أنه يلزمه دم".
(١) سبقت.
(٢) الوعْرُ: المكانُ الصُّلْب. انظر: "العين"، للخليل (٢/ ٢٤١).
(٣) يُنظر هذه القاعدة في: "الأشباه والنظائر"، للسبكي (١/ ٤٩)، و"المنثور في القواعد الفقهية"، للزركشي (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>