للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَذَهَبَ أَهْلُ المَدِينَةِ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ حَيْثُ عَجَزَ، وَإِنْ شَاءَ رَكِبَ وَأَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ) (١).

يقصد بالمدينة: الفقهاء الذين كانوا قبل مالك.

قوله: (وَقَالَ أَهْلُ مَكَّةَ: عَلَيْهِ هَدْيٌ دُونَ إِعَادَةِ مَشْيٍ (٢). وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الأمْرَان جَمِيعًا؛ يَعْنِي: أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ وَجَبَ، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَالهَدْيُ عِنْدَهُ بَدَنَهٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ إِنْ لَمْ يَجِدْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً) (٣).

ومن العلماء مَن ذَهَبَ إلى أن عليه كفارة يمينٍ (٤)؛ استنادًا إلى أنَّ كفارةَ النَّذْرِ هي كفارةُ يمينٍ.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُنَازَعَةُ الأُصُولِ لِهَذِهِ المَسْأَلَةِ، وَمُخَالَفَةُ الأَثَرِ لَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ شَبَّهَ العَاجِزَ إِذَا مَشَى مَرَّةً ثَانِيَةً بِالمُتَمَتِّعِ وَالقَارِنِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ القَارِنَ فَعَلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي سَفَرَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ؛


= "وإن لم يقدر على المشي فله أن يركب؛ لأنه إذا جاز أن يترك القيام الواجب في الصلاة للعجز جاز أن يترك المشي، فإن ركب، فهل يلزمه دم؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يلزمه، لأن حال العجز لم يدخل في النذر.
والثاني: يلزمه؛ لأن ما وجب به الدم لم يسقط الدم فيه بالمرض كالطيب واللباس".
ومشهور المذهب أن عليه دمًا كما سبق.
(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ١٧٥)؛ حيث قال: "وقد روي عن علي قول رابع فيمن نذر المشي إلى الكعبة في حج أو عمرة أنه يخير إن شاء مشى وإن شاء ركب وأهدى".
(٢) قال ابن عبد البر: "فتوى أهل مكة بالهدي بدلًا من المشي". انظر: "الاستذكار" (٥/ ١٧٤).
(٣) قال ابن عبد البر: "أجمع مالك عليه الأمرين جميعًا احتياطًا لموضع تعديه المشي الذي كان يلزمه في سفر واحد، وجعله في سفرين قياسًا على المتمتع والقارن". انظر: "الاستذكار" (٥/ ١٧٤).
(٤) وهي الرواية المشهورة عن الحنابلة كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>