للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا فَعَلَ مَا كانَ عَلَيْهِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فِي سَفَرَيْنِ قَالَ: يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيُ القَارِز أَوِ المُتَمَتِّعِ. وَمَنْ شبَّهَهُ بِسَائِرِ الأَفْعَالِ الَّتِي تَنُوبُ عَنْهَا فِي الحَجِّ إِرَاقَةُ الدَّمِ قَالَ: فِيهِ دَمٌ).

وهذا من باب القياس على ما يُؤَدِّيهِ الحاجُّ إذا أتى محظورًا من محظورات الإحرام، كمَن جامَعَ قبل التحلل الأول فعليه أن يُهْدِيَ بدنةً، إلى غير ذلك من محظورات الإحرام، فبعض العلماء قَاسَ هذا على ذاك، فَذهَبَ إلى أن عليه أن يُهْدِيَ.

ومنهم مَن ذَهَبَ إلى أن مَن نَذَرَ المشي إلى بيت الله الحرام ثم عَجَزَ عن ذلك أنَّ عليه أن يُكَفِّرَ.

ومنهم مَن ذَهَبَ إلى أن عليه أن يصومَ (١).

قوله: (وَمَنْ أَخَذَ بِالآثَارِ الوَارِدَةِ فِي هَذَا البَابِ قَالَ: إِذَا عَجَزَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَالسُّنَنُ الوَارِدَةُ الثَّابِتَةُ فِي هَذَا البَابِ دَلِيلٌ عَلَى طَرْحِ المَشَقَّةِ (٢)، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَأَحَدُهَا: حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: "نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَرَتْنِي


(١) هذان القولان قال بهما الحنابلة.
يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ١١)؛ حيث قال: "من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرًا عليها، فعجز عنها، فعليه كفارة يمين؛ لما روى عقبة بن عامر، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم -: "لتمش، ولتركب". ولأبي داود: "وتكفر يمينها". وللترمذي: "ولتصم ثلاثة أيام". وإن كان صيامًا. فعن أحمد روايتان؛ إحداهما: يلزمه لكل يوم إطعام مسكين. قال القاضي: وهذه أصح؛ لأنه صوم وجد سبب إيجابه عينًا، فإذا عجز عنه، لزمه أن يطعم عن كل يوم مسكينًا، كصيام رمضان. والثانية: لا يلزمه شيء آخر من إطعام ولا غيره؛ لقوله عليه السلام: "ومن نذر نذرًا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين". وهذا يقتضي أن تكون كفارة اليمين جميع كفارته".
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ١٧٦)؛ حيث قال: "السنة الثابتة في هذا الباب دالة على طرح المشقة فيه عن كل متقرب إلى الله بشيء منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>