للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رضي الله عنه -، وهذه الرواية صحَّحَها العلماء، ولكن يُؤخَذُ على المؤلِّفِ هاهنا أيضًا أنه جاءَ بهذا اللفظ مع وجود لفظٍ آخَرَ للحديث مُتَّفقٍ عليه (١)، وهو: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا المَكْتُوبَةَ" (٢).

وقد يُشكِلُ على بعض الناس وَيتعَجَّبُ مِن كَون صلاة تَطَوُّع الرَّجل في بيته أَفْضَلَ مِن صلاته في مسجد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، والعلة من ذلك قد بَيَّنَهَا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَجْعَلُوهَا قُبُورًا" (٣)؛ لأن الإنسانَ إذا هَجَرَ بيتَهُ ولم يُصَلِّ فيه فإنَّ بَيْتَهُ حينئذٍ يَكُون أَشْبَهَ ما يَكُون بالمَقْبَرَةِ، فالمَقْبَرَة لا يُصلَّى فيها لأنها غير مُعَدَّةٍ للصلاة؛ ولذا فإنَّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أَرْشَدَ إلى أهمية صلاة السُّنَنِ في البيوت، أما صلاة الفريضة فلا ينبغي أن تُؤَدَّى إلا في المسجد.

قوله: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الوَاجِبِ عَلَى مَنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ).

المؤلِّفُ هاهنا في هذه المسألة قد خالَفَ منهجه؛ فإنه قد التَزَمَ في هذا الكتاب بأنه لن يَذْكُرَ من المسائل إلا الأمهات والأُصول دون الخوض في المسائل الفرعية، ولكنه في هذه المسألة خَرَّجَ على مسألةٍ فرعيةٍ قد لا توجد في بعض كتب المذاهب مع شمولها وتفصيلها، فهذه المسألة قد ذُكِرَت في بعض كتب الفقهاء، ويبدو أن المؤلِّفَ تابَعَ فيها كتاب "الاستذكار" لابن عبد البَرِّ.

ومبحث هذه المسألة: يدور حول ما لو نَذَرَ إنسانٌ أن يَنْحَرَ ابنَهُ أو


(١) الظاهر أن ما ذهب إليه الشارح مرجوح؛ وذلك لأن حديث "الصحيحين" ليس فيه التفضيل لصلاة المرء في بيته على مسجد الرسول، بينما في "سنن أبي داود" ذكر هذا.
(٢) أخرجه البخاري (٧٣١) واللفظ له، ومسلم (٧٨١).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٢)، ومسلم (٧٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>