للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتعدَّدَت أقوال العلماء في ذلك حتى وَصَلَت إلى عشرات الأقوال (١).

وقصة إبراهيم وابنه إسماعيل - عليهما السلام - معروفةٌ مشهورةٌ، والتي ذَكَرَها اللَّهُ سبحانه وتعالى في كتابه في قوله: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} [الصافات: ١٠٢ - ١٠٧].

فهاهنا تأتي المسألة الأصولية المعروفة: (هل شَرْعُ مَن قبلنا شَرْعٌ لنا أم لا؟ وهل هناك فرقٌ بين أن يَرِدَ النَّسخُ أو لا يَرِدَ؟)، وهذه المسألة سيشير إليها المؤلِّف، وسنتوقَّفُ عندها لتفصيلها وبيانها إن شاء الله (٢).

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: يَنْحَرُ جَزُورًا فِدَاءً لَهُ).

وقد يقيده بمقام إبراهيم قياسًا على قصة إبراهيم مع ولده إسماعيل - عليهما السلام -، وقد يُطلِقُ ذلك لو نَذَرَ أن يَذْبَحَ ابنَه في أي مكانٍ، فالحكم فيهما لا يختلف (٣).

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَنْحَرُ شَاةً (٤)، وَهُوَ أَيْضًا


(١) ستأتي هذه الأقوال.
(٢) ستأتي.
(٣) يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٩٠٥)؛ حيث قال: "إذا نذر ذبح ابنه في يمين أو على وجه القربة فعليه الهدي، دليلنا: ما روي عن الصحابة أنهم قالوا عليه هدي، وروي عن علي، وابن عباس، وابن عمر، ولأنه أراد نذره على وجه القربة فلما أراد فداه؛ لأن ذلك معهود في الشرع أن نحر الابن قد يكون على وجه القربة، لأن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - تعبد بذلك، وصارت الأضحية أصلًا في شرعنا شبهًا به، فكان النَّاذر على وجه القربة كناذر الفداء". ويُنظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٣/ ٣٤٣).
(٤) يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (٣/ ٧٣٩)؛ حيث قال: " (قوله: نذر أن يذبح ولده فعليه شاة) المسألة منصوصة في "كافي الحاكم الشهيد" وغيره، وفي=

<<  <  ج: ص:  >  >>