للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه هي المسألة الأصولية التي أَشَرْنَا لها فيما مضى، وهي: (هَلْ شرع مَنْ قَبْلَنَا شرْعٌ لَنَا أَمْ لَا؟).

وهي مسألة من مسائل الأُصول التى اختلَفَ العلماءُ فيها وأطالوا الكلامَ في بَحثِها وتَناوُلِها.

فبعض العلماء قال: بأن شَرْعَ مَن قَبْلَنا شرعٌ لنا ما لَم يَرِدْ نَصٌّ بنسخه.

وبعضهم قال: بأنه ليس شرعًا لنا على الإطلاق، وبعضهم ذَهَبَ إلى أنه ليس شرعًا لنا إلا إن وَرَدَ في شَرْعِنَا ما يَشهَدُ له ويُؤَيِّدُهُ (١).

قوله: (وَالخِلَافُ فِي هَلْ يَلْزَمُنَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا مَشهُورٌ، لَكِنْ يَتَطَرَّق إِلَى هَذَا خِلَافٌ آخَر، وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ هَذَا الفِعْلِ أَنَّهُ كَانَ خَاصًّا بِإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَكُنْ شَرْعًا لِأَهْلِ زَمَانِهِ، وَعَلَى هَذَا، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ هَلْ هُوَ شَرْعٌ لنَا أَمْ لَيْسَ بِشَرْعٍ؟).

هذه المسألة تَكَلَّمَ فيها أهل التفسير والفقه، فبعضهم ذَهَبَ إلى هذا القول الذي ساقَهُ المؤلِّف، وهو أن ظاهِرَ القصة يُفِيدُ خُصُوصِيَّةَ هذا الفعل بإبراهيم عليه السلام، وبعض العلماء كذلك أشار إلى عُمومِ الفعل (٢).


(١) يُنظر: "روضة الناظر"، لابن قدامة (١/ ٤٥٧، ٤٥٩)؛ حيث قال: "شرع من قبلنا: إذا لم يصرح شرعنا بنسخه، هل هو شرع لنا؟ وهل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - متعبَّدًا بعد البعثة باتباع شريعة من قبله؟ فيه روايتان:
إحداهما: أنه شرع لنا اختارها التميمي، وهو قول الحنفية.
والثانية: ليس بشرع لنا.
وعن الشافعية كالمذهبين … ".
(٢) الذين قالوا بأن عليه شاة وهم الأحناف وغيرهم كما سبق قاسوه على فعل إبراهيم وجعلوا فعله عامًّا وليس خاصًّا به، والذين قالوا بعدم الكفارة كالشافعية قالوا: إن هذا خاص به وهو وحي من الله. يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (١٥/ ٤٨٩)؛ حيث قال: "وأما الجواب عن استدلالهم بحال الخليل إبراهيم - عليه الصلاة =

<<  <  ج: ص:  >  >>