للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ (١) وَالشَّافِعِيُّ (٢) إِلَى أَنَّهَا مِنَ السُّنَنِ المُؤَكَّدَةِ، وَرَخَّصَ مَالِكٌ لِلْحَاجِّ فِي تَرْكهَا بِمِنًى (٣)، وَلَمْ يُفَرِّقِ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الحَاجِّ وَغَيْرِهِ (٤). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٥): الضَّحِيَّةُ وَاجِبَة عَلَى المُقِيمِينَ فِي الأمْصَارِ المُوسِرِينَ، وَلَا تجِبُ عَلَى المُسَافِرِينَ، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد، فَقَالَا: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ (٦)، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ (٧) مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ شَيْئَانِ، أَحَدُهُمَا: هَلْ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ - صلى الله عليه وسلم - الضَّحِيَّةَ قَطُّ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ حَتَّى فِي السَّفَرِ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ، قَالَ: "ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُضْحِيَّتَه، ثُمَّ قَالَ: يَا ثَوْبَان، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ


(١) يُنظر. "منح الجليل" لعليش (٢/ ٤٦٥) حيث قال: "سن لحر غير حاجٍّ بمنى ضحية لا تجحف".
(٢) يُنْظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٣١) حيث قال: " (سنة) مؤكدة في حقنا على الكفاية ولو بمنى إن تعدد أهل البيت، وإلا فسنة عين".
(٣) تقدَّم.
(٤) تقدَّم.
(٥) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ٣١٢) حيث قال: "وشرائطها:
(الإسلام والإقامة واليسار الذي يتعلَّق به) وجوب (صدقة الفطر) ".
(٦) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ٣١٣) حيث قال: "والوجوب هو قول أبي حنيفة ومحمد وزفر والحسن وإحدى الروايتين عن أبي يوسف، وعنه أنها سُنَّةٌ".
لعل ما نقله ابن رشد تبع فيه ابن عبد البر، يُنظر: "الاستذكار" (٥/ ٢٢٨) حيث قال: "وخالفه أبو يوسف ومحمد فقالا: ليست الأضحية بواجبة، ولكنها سنة غير مرخص فيها لمَنْ وجد السبيل إليها".
(٧) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٢٧) حيث قال: "فقال مالك: على الناس كلهم ضحية المسافر والمقيم إذا قدر عليها، ومَنْ تركها من غير عُذْرٍ، فبئس ما صنع".
ومَذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢١) حيث قال: "وهي (سنة مؤكدة لمسلم) تام الملك".

<<  <  ج: ص:  >  >>