للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما يجرحهم، فمثل هذ الأمر من الأُمور التي لا يَتقبَّلها أهلُ العلم وطلابُهُ.

* قوله: (لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ مُدَلِّسٌ عِنْدَ المُحَدِّثِينَ (١)، وَالمُدَلِّسُ عِنْدَهُمْ (٢) مَنْ لَيْسَ يُجْرِي العَنْعَنَةَ مِنْ قَوْلِهِ مَجْرَى المُسْنَدِ؛ لِتَسَامُحِهِ فِي ذَلِكَ، وَحَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ لَا مَطْعَنَ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى بِنَاءِ الخَاصِّ عَلَى العَامِّ عَلَى مَا هُوَ المَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ الأُصُولِيِّينَ، فَإِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ العُمُومِ جَذَعَ الضَّأْنِ المَنْصُوصَ عَلَيْهَا، وَهُوَ الأَوْلَى، وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الحَدِيثَ أَبُو بَكْرِ بْنُ صَفُّور (٣)، وَخَطَّأَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ حَزْمٍ فِيمَا نَسَبَ إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ فِي غَالِبِ ظَنِّي فِي قَوْلٍ لَهُ رَدَّ فِيهِ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ).


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٢٠) حيث قال: "وأما نحن فلا نُصحِّحه؛ لأن أبا الزبير مدلس ما لم يقل في الخبر أنه سمعه من جابر، هو أقرَّ بذلك على نفسه، رُوِّينا ذلك عنه من طريق الليث بن سعد".
(٢) يُنظر: "تدريب الراوي" للسيوطي (١/ ٢٥٦) حيث قال: "تدليس الإسناد بأن يروي عمَّن عاصره ما لم يسمعه منه موهمًا سماعه، قائلًا: قال فلان، أو عن فلان ونحوه، وربما لم يسقط شيخه وأسقط غيره ضعيفًا أو صغيرًا؛ تحسينًا للحديث".
وانظر في عنعنة المدلس: "نزهة النظر" لابن حجر (ص ٢٢١) حيث قال: "ويرد المدلس بصيغةٍ من صيغ الأداء تحتمل وقوع اللقي بين المدلس ومن أسند عنه، ك "عن"، وكذا "قال"، ومتى وقع بصيغة صريحة لا تجوز فيها، كان كذبًا، وحكم مَنْ ثبت عنه التدليس إذا كان عدلًا: ألا يقبل منه إلَّا ما صرح فيه بالتحديث على الأصح".
(٣) لعله مُصحَّفٌ، وصوابه: أبو بكر بن مفوز، وهو من شيوخ القاضي عياض. انظر: "الغنية في شيوخ القاضي عياض" (ص ١٠٨)، وابن مفوز له ردود على ابن حزم في الحديث، وقد ذكر ابن عبد الهادي شيئًا من هذا، فقال في حديث اغتسال الرجل بفضل المرأة: "وقد ضعَّفه ابن حزم. قال ابن عبد الهادي: وقد تكلَّم على هذا الحديث ابن حزم بكلام أخطأ فيه، وردَّ عليه ابن مُفَوَّز وابنُ القطَّان وغيرهما"، لكني لم أعثر على هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>