للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هذا لمن لم يضحِّ من أمتي" (١)، فعم به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فَذهَب بعض العلماء - ومنهم الحنابلة (٢) - إلى أنه يجوز للإنسان أن يضحي بكبش عن نفسه، وعن أهل بيته.

* قوله: (وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الكَبْشَ لَا يُجْزِي إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ).

وهذا خطأٌ، فهذا الإجماع الذي ذكره المؤلف ليس إجماعًا، فقد خالف في ذلك الحنابلة وبعض الصحابة، حتى في بعض المذاهب أيضًا خلاف، فدَعْوى الإجماع غير صحيحةٍ، فلو قال: ذَهَب الجمهور أو ذهب الأكثر، لكان الكلام صحيحًا، أما هذا فليس إجماعًا.

* قوله: (إِلَّا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ (٣) مِنْ أَنَّهُ يُجْزِي أَنْ يَذْبَحَهُ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْنِهِ).

إذن، هو نقض الإجماع على ما رواه مالك، وأنه يجوز أن يذبح الإنسان عن نفسه وعن أهل بيته، وهذا نقل أيضًا عن أحمد وعن غيره من السلف (٤)، فليست القضية قضية إجماع كما يقول.

* قوله: (لَا عَلَى جِهَةِ الشَّرِكةِ، بَلْ إِذَا اشْتَرَاهُ مُفْرَدًا، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كنَّا بِمِنًى، فَدُخِلَ عَلَيْنَا بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْنَا: مَا هُوَ؟ فَقَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَزْوَاجِهِ" (٥) ".


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) روى مالكٌ في "الموطإ" (١٧٧٠): "كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته، ثم تباهى الناس بعد، فصارت مباهاةً"، قال مالك: "وأحسن ما سمعتُ في البدنة والبقرة والشاة، أن الرجل ينحر عنه وعن أهل بيته البدنة، ويذبح البقرة والشاة الواحدة هو يملكها، ويذبحها عنهم، ويشركهم فيها".
(٤) يُنظر: "مصنف عبد الرزاق" (٨١٥١) حيث روى: "عن معمر، عن الزهري، عن رجل، عن أبي هريرة قال: لا بأس أن يضحي الرجل بالشاة عن أهله".
(٥) أخرجه البخاري (٥٥٤٨) ومسلم (١٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>