للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تلك الأضحية؟ أو أنه يتصدق بها جميعًا، فيكون نَفْعها خاصًّا بالفقراء، ولا يطعم منها شيئًا، أو أنه يُهْديها إلى الأصدقاء والجيران، فيكون قَدْ حصرها في جانبٍ واحدٍ، أو أنه يوزعها بين صنفين: يأكل هو ومَنْ هو تحت سلطته، وبَعد ذلك يَتَصدَّق بنصفها الآخر، أو أنَّه يُوزِّعها أثلاثًا، فيأكل ثلثًا، وَيَتصدَّق بثُلُثٍ، ويُهْدي ثلثًا، هذا كلُّه حقيقةً تكلَّم عنه العلماء، وقَدْ وردت في ذلك ايتان تتعلَّقان بهذا الموضوع، وَجَاءتْ أيضًا بعض الآثار عن الصحابة - رضي الله عنهم - في كيفية تقسيم هذه الأضحية.

* قوله: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨]).

الآيةُ الكَريمَة قد أَوْضَحَتْ أمرين:

* أنَّ للمضحِّي أن يأكلَ من أضحيته {فَكُلُوا مِنْهَا}، ولا شكَّ أن أسرته ومَنْ هم تحت سلطته ويده تابعون له في ذلك.

* وقوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ (١) الْفَقِيرَ}، هذه الآية ذَكَرتْ صنفين فقط، وَالآيةُ الأُخْرى ذكرت صنفين آخرين {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ (٢) وَالْمُعْتَرَّ (٣)} [الحج: ٣٦]، إذًا الآية الثانية ذكرت أصنافًا ثلاثة، فالأولى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}، إذن يأكل المرء منها، ويطعم منها الفقراء والمساكين، والآية الثانية: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}، فمَنْ هو القانع ومَنْ هو المعتر؟ ورد في ذلك عدة تفاسير، أشهرها أن القانع: هو السائل .. والمعتر: هو الَّذي يعترض الإنسان في طريقه، أَيْ: يقابله دون أن يسأله، فيُعْطيه منها.


(١) يُنظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (٥/ ٤١٧) حيث قال: "قال عكرمة: هو المضطرُّ الذي علَيه البؤس، والفقير المتعفف. وقال مجاهد: هو الذي لا يبسط يده".
(٢) يُنظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (٥/ ٣٣) حيث قال: "فالقانع: السائل، وسُمِّي قانعًا لإقباله على مَنْ يسأله".
(٣) يُنظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (٤/ ٣٤) حيث قال: "فأما المعتر الذي هو الفقير، والذي يعترك ويتعرض لك".

<<  <  ج: ص:  >  >>